المزمور 1

طوبى له ذاك الذي * لم يغشَ مجالس الفاسقين

ولم يقم في مجتمع الضالّين * ولا يقعد مع الماجنين

بل يجِد الغِبطة في شريعة ربّه * يُخافِتُ بها نهاره وليله

فكأنه شجرة قائمة * حيث المياه جاريه

تؤتي ثِمارها في إبّانها * ولن تذوي أوراقها * أعماله كلها بالنُجْح متّسمه

شتّانَ ذا والفاسقون شتّان * إنهم هشيم * تذروه الرياح

يوم الفصل لا مقام للفاسقين * ولا للضالّين في زُمرة الصالحين

فربك أعلم بمجتمع الصالحين * أما مجتمع الفاسقين فإلى الخسران المبين.

المزمور 2

لماذا تصتفّ الأمم الكافره * وتستعرض الشعوب جنودها؟

لماذا ملوك الأرض يجتمعون * العِلية يئتمرون؟

على الله وعلى مسيحه * يقولون:

هلمّوا نُحطّمْ قيودًا بها كبّلانا * ونخلعْ نيرًا به أثقَلانا

بذا يهزأ من السماوات المستوي على العرش * ربك يتّخذهم سخريًا

ثم في سَورة غضبه يُطرّد زُعماءهم * في قوّة حنَقه يقذِف الرُعب في قلوبهم

أنا الذي كُلِّلت مَلِكَه * على صَهيونَ المقدّس جبله

إليكم ما قضى ربكم * قال لي:

أنت بُنَيّ * أنا اليوم ولدتك.

اطلُب أُعطيك الثروة * الأمم ميراثا * وأقاصي الأرض مِلكا

بصَولجانٍ من حديد تُكسّرها * وكما تُحطَّم آنية الفخّار تُحطِّبها.

فيا ملوك افقهوا * ويا حُكّام الأرض تبصّروا

ربَّكمُ اعبدوا واتّقوا * وتعاملوا برِعدة يا أهل القبر

لألّا يحُلّ غضه وتهلك جماعتكم * فغضبه لا يلبَث أن يشتعل نارا

طوبى * لمن يتّخذه ملاذا.

المزمور 3

ربِ ما أكثر ظالميّ * ما أكثر مناوئي

ما أكثر مواجهو نفسي: * لا خلاص لها عند ربها

لكنّك يا رب، يا مَلِكي مدّة حياتي * يا مجيدي ورافع رأسي

بمِلء صوتي أدعو ربي * من جبله المقدّس يستجيب لي

إذا رقدت لأنام * سأهُبّ فربي يسنُدني

يا جبّار لا أخاف الرماح * الواقفين لي بالمِرصاد في كل ناحية يا الأعلى

ألا هُبّ يا رب * تجّني يا إلهي

أنت تَلطِم فكوك عدوي أجمعين * أنت تَثرُم أسنان الفاسقين

منك يا ربي الخلاص * وعلى شعبك البركه.

المزمور 4

حين أجأر بالدُعاء * تستجيب يا رب * يا منتقمًا لي.

عند الكرب تُفرّج عنّي * لُطفَك يا ربّ، أصغِ إلى دُعائي.

وأنتم أيها النبلاء * حتّام هذا التعيير لمجدي،

هذه العبادة للباطل * وهذا الاستلهام بالبهتان؟

اعلموا أن ربّكم يأتي بالعجائب لِوليه * الله يُصغي إلَيّ حين أبتهل إليه.

بذا بالوجل اشعروا والإثم اجتنبوا * نقّبوا قلوبكم * في مضاجعكم باكين.

قربوا اللائق من القرابين * وكونوا على ربكم متّكلين.

ما أكثير من يتسائلون: * من الذي يُرينا المطر؟

فات مننا * نور وجهك.

ربّ أودِع قلبي فرحا * فزِدهم وفرة الحِنطة وجديد النبيذ.

باطمئان وجهه * أضجع وأنام

وأنت وحدك يا ربي * تُأمّن استراحي.

المزمور 5

قولي يا رب تقبّل * وشكواي تبيَّن

أضغِ إلى نِدائي * يا مَلِكي، يا إلهي * أنت الذي إليه أضرع

يا رب، تسمعُ صوتي بالغَداه * في الصباح أُهيّئ وسائلي إليك * ثم أظَلّ مرتقبًا

إلهٌ مزوّر يقبل الفسوق * أما أنت فلن تُضيّف الخبيث

الحَمقى * لنظرتك لا يثبتون

وأنت تبغض من يُفسدون * وتدمّر الكاذبين

الله يبغض * ذا الأوثان والتماثيل.

وأنا بفضل رحيب حبّك * تفتح لي أبوابُ بيتك

أسجُد في مَعبدك المقدّس * مع متّقيك يا ربّي

اهدِني إلى جنّتك * لكثرة الباغين عليّ * ومهّد سبيلك بين يديّ.

لا يُركَنُ إلى من يقولون بأفواههم * وليس غير الخراب في خبيئة نفوسهم

حلوقهم قبور فاغره * وبألسنتهم يُهلكون

يا الله أفنِهم * أحبِطهم بكيدهم

اطرُدهم لكثرة ما جنَوا * لعِصيانهم إياك

مَن يحتمون بك يفرحون * في جذل مقيم

أنت تحفَظهم * وبك يبتهج * مُحِبّو اسمك

أنت يا رب تبارك المستقيم * رِضاك كالتُرس، له جُنّه.

المزمور 6

رب لا تعاقبني في حال غضبك * لا تؤاخذني في حال سخطك.

لطفك يا رب * فلا حول لي

اِشفِني * فقد تقوّضت عِظامي

استولى الاضطراب على نفسي * فإلى متى يا ربي؟

تب عليّ يا رب ونجّ نفسي * ومن أجل حبّك أنقِذني.

فبعد الموت لا من يذكرك * وفي مأوى الموتى من يحمدك؟

أبهَكني أنيني * بالليل أروي مضجعي * بالدموع أبلّل فراشي

أكل الدمعُ عَيني * هرمت أحشائي بالحُزن.

أيها المفسدون، إليكم عنّي * فربي سميع لصوت نَحيي

ربي قد أصغى إلى تضرعي * ربي قبل دعائي

ليتراجع أعدائي في خِزيٍ واضطراب * ليتراجعوا وقد فجأهم الإعدام.

المزمور 7

ربي يا إلهي، أنت ملاذي * كُفّ عنّي كلَّ من يتعقّبني.

نجّني، لا يفتِكنّ بي كالأسد * مَن يمزِق رقبتي ولا مُنجي منه

إلهي يا رب إن صنعت سيئه * إن لوّثت بالغِشّ يدِي

وأسَأت إلى من أحسن إليّ * وضرّبتُ حشاه بالنميمه

فليسلّط عليّ العدو ينال مني * وليضرب بحياتي الأرض * ولتُنبَذ في التراب الأسفل أحشائي.

قم يا ربّي مُغْضَبا * واجِه غلوّ الباغين عليّ

هُبّ يا إلهي * اقضِ بالعدل

لتُحِط بك جماعة الأمم * ولتُشرِف عليهم يا جليل * ليحكُم الربّ بين الشعوب

أنصِفني يا ربي * لحقّي ولبراءتي يا علي

اِقضِ على خُبث الفاسقين * وأيّد الصالحين

أنت الذي تسبُر غَور الكُلى والقلوب * يا رب يا عدْل

ربّي هو الله العلي * مُنجّي القلوب القويمه

الله هو الحَكَم العدل * المجزي في كل الظروف

ليت عاد المنتصر* ليَشحَذ سيفه * ليشدّد قوسه ويُعِدّه

وليُعِدّ عُدّة الموت * ومن سهامه ليُشعِلُ نارا

ها هو قد أخذه الطلق، طلق الشقاء * كان حمله العناء، فهو يضَع خَيبة الرجاء

حفُر الحُفرة وعمّقها * فوقع فيها.

عناؤه انصَبّ على رأسه * وعُنفه وقع على يافوخه

أحمد ربي على عدله * وأتغنى باسم العلي الأعلى.

المزمور 8

إلهنا يا ربنا * ما أعظم اسمك * في الأرضين

سأكبّر جلالك * فوق السماوات * يهتِف به الأطفال والصغار

هناك أقمتَ قلعتك * على المعتدين * لتقمَع العِدا والعاصين

سماؤك التي نرى * وهي صُنع يدَيك

والقمر والنجوم * التي ثبّتّها

أين منها هذا الهالك حتى تذكُرَه * ما ابن آدم حتى تُعى به؟

خلقته إلى الإهيّة أدنى * وتوّجته جلالًا وبهاء

ما عملت يداك ولّيته * وله سخّرته

الغنم والبقر جميعها * الحيوانات حتى وحوشُها

والطَير في جَوّ السماء * والسمك المضطرِب في الماء

إلهَنا، يا ربَّنا * ما أعظم اسمك * في الأرضِين

المزمور 9-10

بقلبي كله، يا رب، أشكر لك * وأبيّن للناس عجائب صُنعك

فيك ابتهاجي وفرحي * ولاسمك، يا عليّ يا أعلى، غنائي

إذ عِدايَ على أعقابهم ينكُصون * أمام غضبك ينكفئون ويبيدون

ليت حكمت لي وقضيت * وحَكَمًا عدلًا على عرشك استويت

ليت قمعت الكافرين، أفنيت الفاسقين * محَوت ذكرهم إلى أبد الآبدين

العدوّ ليت قُطع دابرُه * خرابهم لا آخر له

ليت قلعت ألهاتهم الحارسات * ولم تُبقِ باقيةً من ذِكرها

وها هو ربكم * من الأزل في كرسيّه * قد وطّد للحُكم عرشه

إنه هو الذي يحكم الدنيا بالعدل * ويقضي بين الأمم بالحق.

وكان ربها حِصناً للمظلوم * في الزمن العصيب

عليك يعتمد من يعرف اسمك * أنت يا رب لا تخذل من يبتغيك.

اعزفوا لربكم الساكن في صهيون * قُصّوا عظيم أعماله على الشعوب.

من يأتمّ بالباكين يذكر رثيَهم * ولا ينسى صَيحة البائسين

لطفك يا رب * أنظر إلى بؤسي من العدوّ * أنت عن أبواب الموت ترفَعني

كَي أحمدَك الحمدَ كله * على أبواب بنت صهيون * وأنا فرِح بخلاصك.

الكافرون ليتردَّوا في الحُفرة التي حفروا * أقدامهم تتشبّث بالشَرَك الذي نصبوا.

ربنا ليعُرَف بالحُكم الذي أصدره * وليوثَق الفاسقون في شر أعمالهم.

فليرحَل الفاسقون، إلى مأوى الأموات يرجعون * ينكفئ هؤلاء الكفرة الذين هم لربهم ناسون.

أما المسكين، فلم يُترك سُدًى * وأمل البائسين، لن يضيعَ أبدًا.

قم يا رب، لا يغلبنّ الإنسان * وليُحاسَب الكافرون، في حضرتك.

قيّدهم يا رب بكمامه * ليعلم الكافرون أنهم بشر.

لِم يا رب تظَلّ نائيا * وفي الوقت العصيب محتجبا؟

صدرُ الفاسقين يهتيج بإيذاء * هؤلاء في مكر أولئك يقعون.

الفاسق بشهوات نفسه يُرحّب * النهِم يبارك بطنه.

الشرير يحتقر الله * يقول: إن العلي لن يثأر بغضبه

الله لن يُعطّل برامجي * أملاكي دائمًا موفّقه

يا جليل أحكامك فوق متناوَله * من حشاه فينفَخ عليها ازدراء

يقول في نفسه: لن أتزعزع * دائمًا سأكون سعيدًا لن يلحَقني أذًى

يفشح في القول * الغشّ والعنف ملء فمه * الخُبث والفساد تحت لسانه

يجلس في القصَب متربّصا * يقتل البرء مختبئا * بعينيه يرقُب المسكين

متربصا مختبئًا كلأسد في أجمته * متربصًا للبائس يخطَفه * يخطفه، يجرّه

إلى شَرَكه فيسقط المستضعف * فيقع المسكين في قبضته

يقول في نفسه: الله ينسى * يحجُب وجهه، كي لا يرى شيئًا، حتى يُقضى الأمر

قم يا رب * ارفع يدك يا إلهي * لا تنس البائسين

هل يستخفّ الفاسق ربه إلى الدهر * ويقول في نفسه إنه لن يُنقّب؟

إنك أنت قد اطّلعت على العناء والدموع * تُبصرها لأنك أعطيتها بيدك

إليك يسلّم أمره المسكين اليتيم * أنت فكن له المعين

اكسر من الفاسق ذراعه * تَجزيه على خُبثه * فإنك تكتشف فسقه

ربنا هو الملك على الدوام وإلى الأبد * والكافرون من أرضه ليختفون

أنت يا رب تُصغي إلى أماني المستضعفين * أنت تُثبّت قلوبهم وتُرهِف السمع

لتقضي لليتيم والمظلوم * كي يكُفّ المتكبر * عن تجريد الناس من الأرض

المزمور 11

ربي ملاذي * فكيف ترقُبون نفسي * تتصيدونني كأنني عصفورة

ها هنا الفاجرون * قد نزعوا في قسيّهم * وأفاقوا في الأوتار سهامهم

ليرموا من مخبئهم * القلوب القويمة

إذا تقوّضت الأسُس * ما يفعل المقسّط؟

ربكم في قصر قدسه * في السماوات عرشه،

بعينيه يعلم حال العالم * وجفونه تخبُر بني آدم

ربكم العدل * يُنقّب البَرّ والفاجر

من يُحبّ العنف * يبغض نفسه

ربكم ليُمطِر الفاسقين * وقودًا وكبريتا * وريح السموم

وحَظّهم من جامهم * أن يشربوا لهيبا

ربكم عدلٌ يحبّ العدل * وجوهنا ستشاهد وجهه القويم.

المزمور 12

أغِث يا رب * ذهب القدّيسون

وضاع الأمناء * من بني آدم

لا يعرفون غير الكذب * كل يكذب على جاره

بشفاه خدّاعه * وكلام من قلب ذي وجهين.

قطع الله * كل شفة خدّاعه * كل لسان مُحرِّف

لسان من يقولون: * بلساننا نقتدر

معنا شفاهنا * فمن ذا يسودنا؟

من أجل البائس الذي يبكي* والمسكين الذي يئِنّ

أهُبّ الآن * قال الرب،

لأكفُل الخلاص * للمتعطّشين له

قول ربكم * قول خالص

فِضّة منقّيَة في الأتون * * وقد صُفّيت من التراب سبعا

أنت يا رب، قد وقَيتنا * وحميتنا عَبر الأجيال الماضية أيها الباقي

يعيث الفاسقون في كل ناحيه * يحفرون حُفر لبني الإنسان.

المزمور 13

إلى متى يا رب تنساني؟ أإلى آخر الدهر؟ * إلى متى تحجب عني وجهك؟

إلى متى أودِع نفسي الشكوك * وقلبي الغمّ؟ * إلى متى تشمَت بي العدوّ؟

انظر خبّرني * يا رب، يا إلهي

أنِر عينيّ * كي لا أنام نوم الموت

كي لا يقول عدوّي: تمّ لي عليه النصر * كي لا يبتهج الباغون إذا رأوني أترنّح.

أما أنا * فعلى حبك اعتمادي يا رب * ليفرح قلبي وقد حَظِي بخلاصك

ولأُنشُدْ لربي * للخير الذي أسدَى إليّ.

المزمور 14

حَسِب الذين لا يعقلون * يقولون أن الله مفقود

أعمالهم فساد ومنكَرات * لم يبق من يعمل الصالحات

الله يُطِلّ من السماوات * على أبناء آدم

ليرى هل فيهم من يعقل * من يبتغي وجه الله

كلهم قد عندوا * فسدوا أجمعين

لم يبق فيهم مهتد * مهتد فرد

هؤلاء المفسدون أجمعون ألا يفقهون؟ * إنهم شعبي يأكلون

هذا هو زاد الرب الذي يطعمون * لا حصدوه

ها هم تحزّبوا حزبا * أما الله فهو مع مجتمع الصالحين

زُمرة الضعفاء يسحق ذلك الحزب * لأن الله حَسبهم

من الذي من صهيون * يجعل الخلاص لإسرائيل؟

إذا ردّ الله شعبه * ردّ الفلاح

ابتهج يعقوب * وفرح إسرائيل.

المزمور 15

رب من الذي يتردد على بيتك * ويسكن قُدُس جبلك؟

هو متوخّي الكمال في سلوكه * متحرّي القِسط في عمله * الذي يقول الحق من قلبه

من غير أن يُرخِي العنان للسانه * لا يثلِب أخًا له * ولا يصِم جاره

يُخرِج الآثم من حضوره * ويُضيف من يخاف ربه

أقسم أنه لن يَظلِم * ولم يعدِل عن قسَمه

لا يُقرض مالًا برِبا * ولا يقبَل رِشوة ليَظلِم بريئا

من كان ذلك دَيدنه * فلم يزِلّ ولن يكبو.

المزمور 16

رب اكلأني * أنت ملاذي

قلت: يا رب * انت لي الخير * ولا شيء فوقك

أما من في الأرض من ذوي القُدُس * السادة الذين فيهم وجدت الغبطه

فلتكثُر أوجاعهم * تتأخر أمنيتهم

أفأُريق الدماء عندها؟ كلا * أأُحمّل شفتيّ أسماءها؟ كلا

يا رب، قسمت كُوبي من الأطايب * أنت قيّست نصيبي

فُرِزت لي قطيعة نعيم * حدّ تُراثي الله الجليل

أحمد ربي فقد نصح لي * وكُلايَ بالليل تُبصّرني

أراقب الله لا أفتُر * ولأنه إلى يميني لا أزِلّ

ومن ثَم كان قلبي في ابتهاج * وحشايَ في حبور * وجسدي يستريح آمنا

فإنك لن تُسلِم نفسه إلى مأوى الموتى * ولا تدع حبيبك يرى الهُوّه

ستبيّن لي سبيل الحياه * بين يديك الفرح العميم * وإلى يمينك النعيم المقيم.

المزمور 17

استمع يا رب لاستحقاقي * أصغ إلى جؤاري

أصِخ إلى دعائي * فبلبل الشفات الكاذبة.

عن وجهك يضوء برائتي * وعيناك تراعيان الحق

اسبُر غَور قلبي * وبالليل اطرُقني

اخبُرني * فلا تجد فيّ الشِرك

لم يتعدّ كلامي * أفعال يديك

على كلماتك * حرَصت

مثبّتًا رِجلايّ على النهج العسير * من آثارك ما زلّت قداماي

هاءنذا أناديك * فتستجيب لي

أرعِني سمعك * أصغِ إلى قولي

أعثِر سابّيك يا مجير * اكعَم بيمينك أولئك المتمردين

احفظني حِفظ إنسان العين * وفي ذَرى جناحك استُرني

عن حنَق الفَسَقة * الذين يُتلِفونني * عِدايَ النهِمون بي يحيطون

بشحمهم تحصّنوا * وبأفواهم تكبّروا

انتفاضت أقدامي * بي يُحدِقون

يراقبونني * ليطرَحوني إلى دار الهلاك

كأنهم أسد للافتراس مستوفز * وشِبلٌ بمخبئه متربص

هُبّ يا رب جابه حنَقهم * اصرَعهم

نجّني من الفاسقين * المقاتليك

اقتلهم بيدك يا رب * اقتلهم من هذه الدنيا * أطفئ حياتهم

أما محظوظوك * فتملأ أجوافهم

وتُشبِعهم أولادًا * يخلّفون لهم ما فضل عنهم

أما أنا القائم بالقسط * فلأراقبنّ وجهك

وإذا بُعِثت * فلأسبعنّ من صورتك.

المزمور 18

أحِبّك يا رب، يا من يشُدّ عَضُدي * رب صخرتي وسوري * ملاذي إنه إلهي

آوي إليه هو صخرتي * مِجنّي وقرن خلاصي * وقلعتي

من سخرتي استجبتُ ربي * فنجَوتُ من عدوّي

أمواه الموت غمرتني * سيول بليعال أزعجتني

حبالة مأوى الموتى احتوتني * وشَرَك الموت أمامي

في هذا الضنك استغثت ربي * جأرت إلى إلهي

سُمِع في هيكله جؤاري * وصلت إلى مسامعه صيحتي

فإذا الأرض تميد وتهتزّ * والجبال من قواعدها ترجُف * بتأثير غضبه اختلّت

علا الدخان عند منخره * وخرج لهب من فمه * به جُذا الوقود تستعر

فتح السماوات ونزل * تحت قدميه غمام حالِك

امتطى كروبيم وطار * وبأجنحة ممدودة سار

أظلم حجابه حوله * وبيته ظلمات الماء * من السحاب المتراكم

مِن فجوَة لامعة انبثّت الغمائم * من تفجّر البَرَد والجُذا المتّقِده

ربكم أرعد من سماواته * العلي الكبير أسمع صوته

طرق سهامه فكان الفِرار * أرسل البرق فكان البوار

قاعُ البحر ظهَر * قواعد الدنيا تكشّفت

لدَي صوت وعيدك يا رب * لدَي الريح تُرسِلها من مَنخرَيك

يُنزِل من عَليائه من يحمِلُني * من غمرة الماء ينتشلني

يخلّصني من خَصمي الجبّار * من عدوّ أشد مني قوّه

فسار الله أمامي يوم بؤسي * وربي كان حَسبي

أخرجني من البَراح مطلَق السِراح * أنجاني لأنه يُحبّني

ربي يجزيني كفاء استقامتي * ويُثيبني كفاء طهارة يدَيّ

لأنني سلكت سبيل ربّي * من غير أن أنأى عنك يا الله

جعلت إمامي أحكامه طُرّا * لم أعصِ له أمرا

صِلَتي به لا عَيب فيها * واتّقيت عصيانه

فربي يثيبني كفاء استقامتي * كفاء ما يرى من ظهارتي

أنت حبيب من يُحبّك * بلا شائبة مع من لا شائبة به

سليم مع السليم * ماكر مع الماكر

أنت القوي * يا من يُنجي المستضعفين * ويكسر أبصار الطامحين

أنت تُضيؤني * يا رب سراجي * إلهي نور ظُلمتي

بعونك أجري بشِدّة * بعون إلهي أتسوّر اللأسوار

سبيل ربي لا عيب فيها * وإمارته كامله

إنه هو الحاكم * لكل من يلجأ إليه

من إذا إله غير الله؟ * مَن الصخرة إن لم يكن إلهنا

الإله الذي يشدّ أزري * الوهّاب الذي سيطرته كامله

من يجعل رجليّ كأرجل الغزلان * ويَنصِب قامتي فوق أعاليه

من يُسدّد يدي عند النزال * ويُنزل القوس المبارك على ذراعيّ

أنت المُنعِم عليّ بمجنّ خلاصك * يمينك تؤيّدني * ونصرك أظفرني

أنت توسّع خَطواتي من تحتي * وعَقبايَ لم ينثنيا قطّ

أتتبع عدوّي وأُدرِكه * ولن أرجع حتى أُثخِنه

أضربهه حتى لا تقوم له قائمه * يقع، أدوسه

شددتَ أزري للقتال * جعلت المعتدين عليّ يتولَّون تحتي

والناصبين لي يولّون الأدبار * وعدوّي أستأصل شأفته

يجأرون والمنقذ غائب * ينادون ربهم ولا مجيب

أكنُسهم كَنس العثير في الميدان * أدوسهم دَوس الطين في الطرُقات

أنت تخلّصني من سهوم القوم * أنت تحمينه من سمّ الأمم

ذلّت لي شعوب لم أعرفها * كلهم آذان صاغية يطيعونني * يتودّد إليّ أبناء الأغراب

أبناء الأغراب يضعُفون * وجِلت قلوبهم

الله حيّ * تبارك ربي صخرتي * تعالى إله خلاصي

الذي أتاح لي الانتقام * وأخضع لي الشعوب

كفَيتني العِدا الجبّارين * رفعتني فوق المعتدين * خلّصتني من قاذفيّ

وإني لمسبّح بين الكافرين بحمدك * يا رب، ومغنّ لاسمك

يُسبغ صُنوف الإنقاذ على ملكه * ويُبدي الحب لمسيحه * لداود وذريته إلى الأبد

المزمور 19

السماوات تقُصّ قصص جلال الله * وبما خلقت يداه تُنبئ القُبّة

النهار تحدّث النهار بكلام * والليل ينقل للّيل معرفه

ولا حديثَ ولا كلام * ولا صوت يُسمَع

بل دعوَتها للأرض جميعًا بارزه * وكلماتها إلى أقاصي الدنيا بيّنه

في العلياء أنشأ للشمس بيتا * وهي كالعروس تبدو من خِدرها

جذِلةٌ أنها تجري * جريئةً في شَوطها

تطلَع من أحد طرفَي السماء * ولشَوطها عند الطرف الآخر انتهاء * ولا تُخطئ خيمتها

(b) شريعة الله كاملة * إليها النفس ساكنه

آيات الله صادقه * للبُسطاء حِكمه

فرائض الله قويمه * للقلب مُتعه

وصايا الله صافيه * نور للعيون

تقوى الله خالصه * إلى الأبد ثابته

أحكام الله حق * عادلة دائما

تُحَبّ أكثر من العسجد * أكثر من أنقى الذهب

كلماته أحلى من العسل * من جنَي الشهد

ومن ثَمّ يتنوّر بها عبدك * فطاعتها فوز كبير

لكن من ذا الذي لزلّات نفسه يهتدي؟ * فطهّرني من ضُلّاتي

وجنّب عبدك المزدهين * لا كان لهم سلطان عليّ

أكن من العيب سليما * من الإثم الكبير مطهّرا

فليلفظ فمي ما يُرضيك * وليخافت قلبي ما تريد * يا صخرتي، يا مخلصي.

المزمور 20

عسى الله في يوم الحصر أن ينصُرك * عسى اسمُ إله يقعوب أن يُسيّجك

عساه من قدس الأقداس بعونه أن يُمِدّك * وأن يظَلّ مِن صهيون سندك

عساه أن يذكر كل قرابينك * وأن يستطيب نكهةَ كل محرقاتك

عساه أن يعطيك على قدر بُغية قلبك * وأن يؤيد نواياك

عسانا أن نفرَح جذَلًا خلاصك * ونُقيم الزيّنات لاسم ربنا * عسى الله أن يؤتيك كل سؤلك

الآن عرفت أن ربك * يهب الخلاص لمسيحه

ومن قدس السماوات ينصُره * ومن قلعته يُظفّره بيمينه

لبعضهم العجل * ولبعضهم الخيل

ولنا الاستعانة * باسم الله إلهنا

هم ينثَنون يقعون * ونحن قائمون مستمسكون

الرب قد نصر الملك * وأظفرنا يوم نُناديك.

المزمور 21

قوّتك يا رب * تُجذِل الملك

ونصرك * ما أكثر ما يغمُره بالمرَح

مننت عليه ببُغية قلبه * ولم تضِنّ بأُمنيّةٍ طلبها بفمه

قدّمت له خيار البركات * ألبسته من خالص الذهب التاج

منحته الحياة التي طلب * المزيد من العمر إلى الأبد

خلاصك يُكسِبه مجدًا عظيما * أسبغت عليه بَذَخًا وبهاءا

أجل أنت تُقيم له بركات أبدية * وتمتّعه بالنعيم مقرَّبًا من وجهك

أجل الملك على الله توكّل * وفضل العلي الكبير يقيه الزلل

يدك ستصل إلى خَصْمك * يمينك ستصل إلى عدوّك

ستجعل منهم وقودًا للنار * في يوم حنَقك

ربك في غصبه يلتهمهم * والنار تبتلعهم

ثمرتهم من الأرض تنفيها * وبزرهم من بني آدم تَنزِعه

وإذا حاكوا لك السوء * وأدرك مكرهم فلن يعلوا

فجعلتهم راكعين * وتواجعهم بقَوسك

أظهِر يا رب قوّتك * نغنّ ونعزف لبأسك.

المزمور 22

إله إلهي * لِم تركتني؟

تُبعِد صَرختي * وأمر عَويلي

إلهي بالنهار أنادي * فلا مجيب

وبالليل * لا يسكن جأشي

على أنك مستوٍعلى العرش القدس * يا مديح بني إسرائيل

كنت أمل آبائنا * كنت أملهم فأنجيتهم

إليك جأروا فسلِموا * وفيك أمّلوا فلم يَخيبوا

وأنا دودةٌ لا إنسان * عار البشر مرذول الناس

من يرَوني منّي يسخرون * يبسِمون، رؤوسهم يهزّون، يقولون:

عاش لربه فليحُلّ وثاقه * وليُخلّصه فهو حبيبه

أنت من بطن أمي أخرجتني * وإلى ثدي أمي وكلتني

بك تقوّتُّ عند خروجي من الحشا * من بطن أمي إلهي أنت

لا تنْأ والخصم قريب * وأنا لا عون لي

ثيرانٌ عِدّة تُحدِق بي * ثيران ضارية من باشان تحيط بي

فاغرة أفواهها * أُسدٌ فاتكة لها زئيرها

كأني ماءٌ ينساب * وعضامي تتفكّك

قلبي كالشمع * يذوب من جوفي

سقفُ حلقي جفّ كالشقَف * ولساني بفكّي لصق

يُغيّبونني في تراب الموت

كلابٌ كثير عديدها تُحدِق بي * عِصابة من الأوغاد تحمِل عليّ

جردوا يدَيّ ورجليّ * أستطيع عدّ عظامي جمعاء

هؤلاء القوم يحدَّقونني ازدرَوني

يتقاسمون لباسي * يتقارعون على رداشي

فلا تكن نائيًا يا ربي * يا جيشي عجّل بحمايتي

أنقذ من السيف رَقبتي * ومن حدّ المِعوَل وجهي

نجّني من حلق الأسد * وعلى قرن الثور ظفّرني

أنوّه لعشيرتي باسمك * وفي المحافل جهرةً أحمدك

أنتم يا من تخشَون ربكم احمدوه * يا نسل يعقوب بأكملكم مجّدوه * يا بني إسبرئيل جميعًا اتّقوه

فهو لم يحتقر * ولم يُهمِل الفقير لفَقره

ولم يحجُب عنه وجهه * بل إذا دعاه أصغى إله

أثنيت عليك مئة مرات * في المحافل * سأَفي بنذاري يا رئيس

سيَطعم الذين يخشونه * سيأكل المساكين حتى يكتفوا

ويحمده ربهم مَن وجهه يبتغون * عاشت قلوبهم إلى الأبد

الأرض كلها ستذكر ربكم * وتثوب إليه

قبائل الأمم جميعًا * ستسجُد بين يديه

المُلك لربكم * لسيد الأمم

سيسجد بين يديه * كل النائمين في الأرض

ويركع أمامه * كل من نزل إلى التراب * وله ستعيش نفسي

ستعبده ذريتي * ستُردّد حديث ربّي إلى الأبد

سيقصّون عدله * و خبر صُنعه * فيمن يولد من الشعوب.

المزمور 23

ربنا راعيّ * لن يُعوِني شيء

في المروج الناضرة يريحني * مياه الجمام يوردني * هناك يُجِمّ نفسي

يهديني الى المرعى الصحيح * من أجل اسمه

أو سلكتُ * في وسط ظلمة الموت

ما خِفت سوءا * لأنك معي

فثَم عصاك وعُكّازك * يذهبانِ رَوعي

لي تُعِدّ مائدتي * على مرأى مِن خَصمي

بالدُهن تطيّب رأسي * وكُوبي يفيض

أجل الفضل والنعمة ملازمتايّ * مَدى حياتي

بيتُ ربي لي سَكن * على طول الزمن.

المزمور 24

لله الأرض وما فيها * والدنيا وساكنوها

هو مُنشئها على البحار * ومرسيها على الأنهار

من ذا الذي يتسنّم جبله * ويُقيم في مقرّ قُدسه؟

من طهرت يدُه وصفا قلبه * من لا يتميّل إلى البُطل * ولا يتّخذ الحلف بالزور

له من الله البركات * ومن ربه منجيه التأييد

ابتغوا ذا البقاء * اطلبوا وجهه إله يعقوب

يا أبواب اعلي * أيتها الأبواب الأزلة ارتفعي * واليدخل ملك المجد

ومن ذا ملك المجد؟ * إنه ربكم القوي ذو العِزّه * ربكم البَطَل في المعمعه

يا أبواب اعلي * أيتها الأبواب الأزلية ارتفعي * واليدخل ملك المجد

ومن ذا ملك المجد؟ * هو ربكم من له جنود السموات والأرض * هو ملك المجد.

المزمور 25

لِعُلاك يا رب * وجّهتُ نفسي * يا إلهي

عليك توكلت * فلا لحِقني الخِزي * ولا شمِتَ بي عدوّ

لا خزي لمن يناديك * إنما يَخزى من يشهد بالأباطيل

عرّفني سبلك * بيّن لي نهجك

اهدني الإخلاص لك، درّبني * فأنت الإله مخلّصي * إليك جأرت طول النهار

اذكر رحمتك يا ربي وحنانك * فهما قديمان

أما معاصي وانحرافي في شبابي * لا تذكرهما

بل بحبّك اذكرني * من أجل صلاحك يا رب

ربكم عدل ورحمه * يردّ الضالّ إلى الطريق السَوي

ويهدي المساكين سبيل الرشاد * ويُرشِد البائسين إلى جادّته

كل سبل ربكم حبّ وصدق * لمن يوفي بعهده ويطيع أمره

من أجل اسمك يا رب * اغفر ذنوبي * وهو كبيره

أيُّما رجلٍ اتّقى الله * إلى السبيل الواجبة هداه

نفسه في النعيم تستقرّ * وذريته تملك الأرض

سر الله عند من يتّقونه * أعلن عهده، ليكونوا من العارفين

في ربكم تحدّق عيناي * بعونه تتخلّص من الشَرَك قدماي

اتّجه إليّ، ارحمني * أنا الوحيد البائس

رصّ الضِيق قلبي * انتشلني من عَنائي

انظر بؤسي وألمي * وامحُ سيّئاتي

انظر عدوّي وكثرتهم * وأيَّ بُغض عنيف يبغضونني

احفظ نفسي نجّني * لن أخزى وأنت ملاذي

لعل البراءة والاستقامة تقياني * أنت يا رب رجائي

اللهم اصرِف عن بني إسرائيل * كَربهم كله.

المزمور 26

ربّ إني أسألك النصفه * فإني أتوخّى الكمال

وعلى الله أعتمد * لا أحيد

اسبُر يا رب غَوري اختبرني * محّص كُلاي وقلبي

حبك نُصب عينِي * وأسلك الإخلاص لك

لم أقعد مع المشركين * لن أدخل بيوت المنافقين

أبغضت حِزب الخبيثين * لن أميل إلى مجالسة الفاسقين

طهّرت يدي * لِأطوف بمنحرك

جاهرًا بالشكر لك * مردّدًا ذكر آياتك

حَبّذا بيتُك مقاما * مقرُّ مجدك نُزُلا

لا تُلحِقْني بالضالّين * لا تجعل حياتي مع الوثنيين

القابضين بيُسرياتهم على الأصنام * المملوءة أيمانهم بالكسب الحرام

أما أنا فأتوخّى الكمال * فأنقِذني يا رب وارحمني

رِجلي للطريق المستقيم ملتزمه * وإني في المحافل راكع لك.

المزمور 27

الله نوري وخلاصي * فمما أرتاع؟

الله سياج حياتي * فأمام من أرجف؟

إن اللئام عليّ زحفوا * ونهش لحمي طلبوا

فإنهم معشر العدا والخصوم * هم المترنحون المنهارون

إن جيش عليّ تألّ * كنت رابط الجأش

وإن جنود عليّ شنّوا * بذا ظلِلت مطمئنّا

حاجة واحدة سألتها مئة مرات * الشيء الذي أبغي يا ربّي

أن أسكن بيت الله * مدى الحياه

أن أذوق لذّة الحضره * أن أُصبِح في مصره

سيخزِنني في بيته * بعد يوم البؤس

يسترني في كِنّ داره * يؤويني إلى صخره

إذن يعلو رأسي * على الخصم المُحدق بي

جئت بيته لقرابين الحفاوة أقرّب * يطيب لي أن أغنّي لربي وأعزف

كن يا رب سميعًا لدعائي * ارحمني استجب لي

«تعالَ» قال قلبي «ابتغ وجهه» * فوجهك يا رب أبتغي

لا تُدِر عنّي وجهك * لا تُبعد سخطًا عبدك * فإنما أنت عوني

لا تخذُلني لا تتخلّ عنّي * يا إله خلاصي

إذا تنكّر لي أبي وأمي * فالله يقبَلني

بيّن لي يا ربّ طريقك * اهدني إلى سَواء صراطك * من أجل المتعقبين لي

لا تكِلني لبَلعُم عدوّي * فشهود الزور لي ناصبون * وللعنف نافثون

آمنتُ للناصر أنّي أشهد رأفة الله * في أرض الأحياء

أُرجُ ربّك، قوّ قلبك * ثبّت جنانك، ارجُ ربّك.

المزمور 28

إليك يا رب أوجّه النداء *فيا وزري * لا تُلقِ إليّ أذنًا صمّاء

لا تجعلني - إذا تصاممت عن ندائيه * كالمتردّين في الهاويه

اسمع صوت دعائي * حين أوجّه إليك صياحي

حين أرفع يا ربّ أكُفَّ الضراعه * وأتوجّه إلى قدُس الأقداس

لا تُساوِني مع الفاسقين * مع المفسدين

الذين يسالمون بألسنتهم * والشرّ كامن في قلوبهم

اجزِهم يا رب بأعمالهم * وسوء فعلهم

بصُنع أيديهم كافئهم * وما يستحقّون من الأجر وفّهم

إنّهم يجحَدون صُنع الله * وما خلقت يداه

سيُقوّضهم ربّهم * فلن يبنِيهم

الحمد لله الذي يُصغي * إلى صوت دعائي

الله مجنّتي القويّه * وبه قلبي مؤمن

تجدّد شبابي * عادت لي النضره * فبتسبيحي أشكره

الربّ قوّتنا وحِصننا * هو مُخلِّص مسيحه

أنقذ شعبك * بارك تراثك * وارعِهم وللأبد احمِلهم.

المزمور 29

أقِرّوا لربكم يا أبنائ الله * أقرّوا لربكم بالمجد والعزّه * أدّوا إلى ربكم تمجيد اسمه

اكرعوا لربكم * في حظيرة قدسه

هذا صوت الله على المياه * الله على ماء لا حصر له

صوت الله هو قوه * صوت الله هوعظمه

صوت الله محطّم الأرز * الله تحطّم أرز لبنان

يجعل لبنان تقفِز قفز العِجل * وسريون تثِب وثوب البهم

صوت الله يبري * من نار البرق سهاما

صوت الله يرُجّ الفلاه * الله يرجّ فلاة قادش

صوت الله يولّد الأيائل * هو يجرّد الغابات المدرِكه

وفي بيته كله * يظهر المجيد

من الطوفان جلس الله مجلس الحُكم * ومن الأزل الله يحكم ملكًا

ربكم سيُنصر شعبه * وفي نعمة السلام سيبارك له.

المزمور 30

سبحانك يا رب * إيّاي أنهضت * ودون شماتة عدوّي حُلت

ربّ إلهي * إليك تضرّعت * فالضُرّ عنّي كشفت

رب نفسي من مأوى الموتى أنقدت * وإيّاي من بين الهابطين إلى الحفرة بعثت

اعزفوا لربكم يا محبّيه * اذكروا قدْسه حامدين

سُخطه هو مَوت * ورضاه مدى الحياه

تُمسي في عَبرات * فتُصبح وللفرح صَيحات

زعمتُ وأنا في النعيم * أن لا شيء مدى الدهر يُزعزعني

رضاك يا رب * ثبّتني أكثر حصينًا من الجبال

وأدَرتَ وجهك * فتبدّد شملي

إليك يا رب أوجّه النداء * ومنك يا رب أطلب الرحمه

ماذا يعود عليك من دموعي * من نزولي في رمسي

أيسبّح التراب بحمدك * أيشهد أمانتك؟

اسمع يا ربّ كن بي رؤوفا * يا رب كن لي عونا

بدّل حِدادي رَقصا * حلّ حزام خَيشتي وبالفرح اخلعني

فليغنّي قلبي بذكرك * ولا يبكي

وأنا يا رب يا إلهي * إلى الأبد مسبّح بحمدك.

المزمور 31

اتخِذتك يا ربّ مَوئلا * فلا يلصق بي خزي أيها الباقي * بأمانتك أطلِقني

ألق إليّ سمعك * عجّل بإنقاذي

كن معي يا صخرة المأوى * يا بيت الحصن خلِّصني

فإنما أنت الوزر والحصن * من أجل اسمك أرشِدني اهدِني

خلّصني من حبالةٍ نُصبت لي * فإنما أنت حِرزي

في يديك ألقَيت بروحي * افدِني يا ربّ يا الله

حقًا أنت تبغِض * عبَدة أوثان الباطل

أما أنا فعلى يقينٍ من ربي * لا زِلت في حبّك أمرحُ وأفرح

إذا اطّلعتَ على بؤسي * دفعتَ الضنك عن نفسي

لم تكِلني ليد عدوّي * ولم تخلِ رِجلي في المجال التختي

رحمتَك يا ربّ * أثقلني الكرب

الدموع يأكل عيني * والحلق والحشا

فحياتي تنقضي في الكرب * وعمري في التأوّه

قوّتي ينوء بها شقائي * وعظامي تتأكل * بَليت أحشائي

جيراني منّي مشمئزّون * وإخواني مذعورون * من يروني في الطريق منّي يفرّون

يبِستُ مَغشيّ علي كأنّي مَيت * كأني إناء مكسور

أسمع صفير السهام * من كل جانب إرهاب

عليّ متدافعين يتجمّعون * ولإزهاق روحي يأتمرون

أما أنا فعلى يقين منك يا رب * وأقول: إنما أنت إلهي

أيامي في يدك فأنقذني * من أيدي المصرّين على عداوتي

أفِض من نور وجهك على عبدك * ونجّني بحبّك

لا خزي لي * وأنا العائذ بك

بل الخزي للفاسقين * فليُرموا إلى مأوى الموتى

خرَسَت ألسنةُ المفترين * الذين يسلقون الصديق القديم * بِقحةٍ وكبرٍ وازدراء

ربّ ما أجلّ رحمتك * تدّخرها لمن يخشاك

وتجعلها لمن يتّخذك موئلا * من شرّ بني آدم

في كِنّ وجهك تكِنّهم * فلا يصل كيد إليهم

وفي ذرا بيتك تستُرهم * بمَنجى من حرب الألسنه

تبارك ربي الذي * آتاني عجائب حبّه * من قرية مَنيعه

حسِبتُ وأنا في الشِدّه * أني عن نظرك أُقصيت

لكنّك إلى صوت دعائي أصغيت * حين إليك جأرت

يا أهل الله أجمعين كونوا له محبّبين * إنه يحرُس المؤمنين

لكنّه يَجزي أضعافا * من كان من المتكبّرين

الشجاعه * قوّوا قلوبكم

أنتم أجمعون * يا من لربكم ترجون

المزمور 32

طوبى لمن يُتجاوز عن خطيئته * ويُغفر له ذنبه

طوبى لمن ربّه لا يُحصي عليه سيّئه * من سلِمت من الزور نفسُه

كتمتُ فبُرِي عظمي * من طول أنيني

بالليل والنهار يا الله * قبضةُ يدك اشتدّت

وآضَ قلبي يا شدَّي * في حمارّة القيظ

ثم اعترفت بذنبي * ولم أكتم سيّئاتي * قلت:

«هأنا يا ربي يا إلهي معترفًا بذنبي» * وأنت غفرت دَين خطيئتي

إذن يدعوك * من هو من آلك

حين ظهر جيش * أو إذا الماء طغى * لم يستطيعا إليه وصولا

أنت لي ملجأ * من الكرب تعصِمني * يا ملجئي نجّني احُطني

إنّي معلّمك * ومبيّن السبيل التي تسلك * عيني غير وانٍ عن النظر إليك

لا تكن فرسًا وبغلًا * لا عقلان

لا بدّ من عنانٍ وشكيمة * لكبح جِماحهما * ثم تقرب منهما

الفاسق ما أكثر عذابه * والنعمة بالمعتمد على ربه محيطه

ابتهجوا بربكم * امرحوا أيها الصالحون * افرحوا جميعا يا ذوي القلوب القيومه.

المزمور 33

أيها الصالحون أهِلّوا بحمد ربكم * أيها القولب القويمة سبّحوا الحميد

تغنَّوا بحمد ربكم على نغم الكنّارات * اعزفوا له على العيدان العُشاريّات

أنشدوا له أُنشودة جديده * بحذقكم كلّه صاحبوا الهُتاف

قول ربكم عدل * وفعله حق

يحبّ القسط والحق * والأرض ملأى بحبّه

بكلمة منه خُلقت السماوات * وبنفخة منه جنودها جميعا

يجمع جمع الركوَة ماء البحر * يحبِس بمخزن أعماقه

فلتخَف الله الأرضُ جميعا * وليخشه الناس طُرّا

يقول للشئ كن فيكون * ويأمر ما يشاء فيوجد

ربكم يحُلّ ما تربط الأمم * ويُحبط ما تدبّر الشعوب

لكنّ إرادته قائمة من الأزل * ومشيئته مدى الحِقب

سعِد الشعب * الذي باركه إلهه ربكم

الأمة التي يختارها * تراثا لنفسه

من علياء السماوات يُطلّ ربكم * يرى بني آدم كلهم

من مغناه يرصُد * أهل الأرض طُرّا

الخالق يرصد نيّتهم * المطّلع يحدِق على أعمالهم

الملك لن تُنجيه سطوته * الشجاع لن تقيه قوّته

فرس النجاة من الأوهام * لا غناء به مع قوّته

هذا وعين ربكم ترعى من يخشَونه * من يعتمدون على حبّه

لتقي نفوسهم الموت * وتحمي حياتهم من جوع الموت

نفوسنا ترتقب ربها * هو عوننا ومِجنّنا

فيه بهجة قلوبها * وفي اسمه القدُس يقيننا

فليَفِض عليها يا ربّ حبّك * بما جعلنا رجاءنا في وجهك.

المزمور 34

تبارك ربي في كل وقت * فمي عن حمده لا يكفّ

بربها نفسي تعتزّ * فليسمع الوُضعاء وليُبشروا

كبّروا معي ربكم * ولنسبّح باسمه معا

أقصِد ربي فيستجيب لي * ويُذهِب روعي

من ينظر إليه يُشرق * غير كاسف الوجه

إذا دعا المسكين سمعه الله * ومن كربه كله نجّاه

ملَك الله يحِفّ بالمؤمنين به * ويُخرجهم من مآزقهم

تذوّقوا وارْؤوا مبلغ ربكم من الحلا * طوبى لمن اتّخذه مَوئلا

اخشَوا ربكم يا قدّيسيه * من يخشه فلا شيء يُعوِزه

الأغنياء يَعيلون ويجوعون * ومن يبغون ربهم لا خير يُعوزهم

هلمّوا يا بَنيّ أصغوا إليّ * أعلّمكم خشية ربكم

من لي بمن يرغَب في الحياه * ويصبو إلى عمرٍ يرى فيه النعيم؟

احفظ لسانك من الشر * وفمك من الكلام الخدّاع

اجتنب الشر واعمل الخير * التمس السلام والتزمه

ربكم يواجه المفسدين * لينفي ذكرهم من الأرضين

عين ربكم إلى الصالحين ناظره * ولضجيجهم أذنه صاغيه

يجأرون وربهم سميع * من كربهم كله يُنجيهم

ربكم قريب من القلوب الكسيره * ومنقذ النفوس الهشيمه

يلقى الصالح شقاء بعد شقاء * لكنّ ربه يخلّصه من كل شقاء

ربه يحفظ عظامه * فلا تُكسر منها عظمه

شر الفاسق قتله * ومن يُبغض الصالحَ يلقَ جزاءه

ربكم يفتدي نفوس من يعبدونه * ولن يعذّب من يعوذ به.

المزمور 35

خاصم يا رب خصْمي * حارب من يحاربني

البس السلاح وخذ التُرس * وانهَض لنصرتي

هزّ الرمح والحربه * في وجه من يتعقّبني

قل لنفسي: * «أنا خلاصكِ»

ركِب الخزي والعار * من يطلبون نفسي

فليُولَّوا مدبرين ولينكفئوا مضطربين * أولئك الذين لشقائي يدبّرون

وليكونوا في الرياح هشيما * وملَك الله يدُعّهم دعّا

وليكن حالكًا زلقًا معادُهم * وملَك الله يتعقبهم

نصِبوا لي حباله خُفيَة * حفروا لي حفره

يحُلّ بهم الدمار من حيث لا يعلمون * سينشَبون في الحبالة التي نصبوا * ويتردَّون في الحفرة التي حفروا

أما نفسه فبربها تبتهج * وبخلاصه تفرح

وعظامي كلّها تقول: * يا رب من مثلك.

يُنقذ الضعيف من القوي * والمسكين ممّن يبتزّه

شهود الزور قاموا * وعمّا لا أعلم سألوا

يجزونني من الخير شرّا * صارت حياتي عقيما

كنت إذا مرِضوا * لبِست خَيشتي

وأنهكت بالصوم عيشتي * وردّدت في صدري الدعاء * شأن الصداقة شأن الإخاء

ومشيت كمن هو على أمه في حِداد * منحنيًا كئيبا

يضحكون إذا كبَوت ويتألبون * يتألبون يضربونني

نهشني مجهولون * لم يكُفّوا عن ثلبي

أحاط بي مبتلونني باستهزاء * ويحرقون الأرّم عليّ

رب إلى متى تستنظر؟ * أنقذ نفسي من حُفر هؤلاء * ووجهي من هذي الأشبال

أشكر لك في الحفل العظيم * وأحمدك لدي الشعب الكثير

عجز عن السُخريّة منّي عدوّي الكاذبون * وعن التغامز مَن إيّاي يُبغضون خُفيَه

لا يتحدثون عن السلام * وهاجموا المستضعفين في الأرض

بل يُدبّرون القول الخدّاع * يفغرون أفواههم

يهأهئون ويقولون: * «رأينا بأعيننا»

رأيت يا ربّ فلا تسكت * يا ربّ لا تنأ عنّي

هُبّ قم من أجل حقّي * يا ربّ يا إلهي من أجل قضيتي

احكُم بعدلك يا ربّ يا إلهي * لا ضحِكوا منّي

لا هأهئوا في نفوسهم * ولا قالوا: «قد ابتلعناه»

ركِب الخزي والعار معا * من يسُرّهم أن أشقى

غَشي الحُزن والاضطراب * من يلتمسون العظمة بالنَيل منّي

وليكن البِشر والفرح * لمن يفرحون بإنصافي

الذين لا يزالون يقولون: * «العظمة لربنا * الذي يُرضيه اطمئنانُ عبده»

لساني يكرّر ذكر عدلك * وعلى الدوام يسبّح بحمدك.

المزمور 36

يوحي إلى الفاسق إثمه في قرارة نفسه * فلا خشية لله تُبصر عيناه

سيدمّره إلهه ببصره * إذ لحظ خطيئة ثلبه

القول الذي يلفظه قول الزور والإثم * فعلى الحكمة وعمل المعروف العَفاء

فيدبّر المنكر على فراشه * مُغزًى بالطريق غير السوي * ولن يكفّ عن سبيل الغيّ

يا ربّ حبك ممتد من السماء * وصدقك صاعد إلى السحاب

عدلك كالجبال الشمّ * أحكامك الوهدة بعيدةُ الغور

الإنسان والحيوان تُوَفّقهم * يا ربّ ما أغلى حبك

الآلهة وبنو آدم * إلى أجنحتك يأوون

هم من دهن بيتك ينتشون * ومن فيض طيّباتك تُشرّبهم

فيك ينبوع الحياه * وفي حقلك نستنير

امدُد حبك لمن عرفوك * وعدلك لسليمي القلوب

لا داستني أرجل العالين * ولا دعّتني أيدي الفاسقين

ها هم قد سقطوا أولئك المفسدون * نُكِسوا والقيام لا يستطيعون.

المزمور 37

لا تستشِط على الخبيثين * ولا تحسُد المبطلين

هم كالعُشب عاجلًا يجِفّون * وككلأ المروج يذبُلون

توكل على الله واعمل صالحا * اسكن الأرض وعِش وادعا

اجعل ربك موضع ابتهاجك * يُنِلك بُغية نفسك

سلّم إلى الله مصيرك * واعتمد عليه * يتولّ تدبير أمرك

يُلعّم إنصافك كفَلق الصبح * وبحقّك بيّنًا كما مَتَع الضحى

اطمئنّ * وتوكل على ربك

ولا تحنَقْ على حديث النَعمه * الذي يكيد للمسكين والضعيف

اجتنب الغضب اترك الحنق * لا يملكنّك الغيظ إن هو إلا شر

فإلى الفناء مصير الخبيثين * ومن يدعو إلى الله يملك الأرضيس

الفاسق عمّا قليل يُقطع دابرُه * فلا تجده حين تنشُده

أما المستضعفون فللأرض يملكون * وفي السلام الأكبر ينعَمون

الفاسق يكيد للصالح * ويحرق عليه الأُرّم

لكنّ ربك يستهزئ به * لأنه يرى قريبًا يومه

الفاسقون لسيوفهم يجرّدون * وفي قسيّهم ينزعون

ليضربوا بالعاجز والمسكين الأرض * ليقضوا على من كان من المهتدين

فترتدّ سويفُهم إلى نحورهم * وتتكسرُ قسيّهم

القليل خير لصالحين * من غناء الفاسقين المَوفورين

فمصير قدرة الفاسق إلى التحطيم * لكن الله يؤيد الصالحين

الله أدرى بأيام الكاملين * ميراثهم باق أبد الآبدين

في الأيام العصيبة لن يذبُل * وعند القحط يجدون ما يكفيهم

سيبيد الفاسقون * يبيد أعداء الله

يزولون كاحتراق المروج * ويذهبون دخانا

الفاسق يأخذ ولا يردّ * والصالح عطوف يجود

المرضيّ عنهم للأرض يملكون * والملعونون يجتثّون

الله يسدد للإنسان خطواته * فيجدها ثابتة ويرضى عن مِشيَته

وإذا كبا لا يظَلّ طرحا * بل الله يأخذ بيده

كنت شابّا ثم شيخًا * فما عرفت صالحًا خُذِل * ولا نسلًا له تسوّل

فهو ما برِح رؤوفًا يقرض * والبركات على ذريّته تُغدَق

اجتنب الشر واعمل الخير * يتهيأ لك دائمًا المستقرّ

فالله يحب القويم * ولا يخذُل الولي

المفسدون مآللهم أبدًا إلى الدمار * ونسل الفاسقين صائر إلى الفناء

أما الصالحون فالأرض يرثون * وفيها دائمًا يقيمون

فم الصالح بالحكمة يتكلم * ولسانه بالحقّ ينطق

شريعة ربه في قلبه * ولن تزِلّتان أبدًا رِجلاه

الفاسق للصالح بالمرصاد * يبغي القضاء عليه

لكن الله لن يسلّمه لبطشه * وإذا حوكم لا يدعه يُضام

ارجُ الله واحرِص على سبيله * يُنجك من الفاسق وشره

ويرفعك حتى تملك الأرضين * وتشهد انقراض الفاسقين

رأيت الفاسق المتيسّر * شامخًا كأرز لبنان

ثم مررت فلم أر أثرًا له * ونقَبت عنه فلم أجده

اتّبع الكامل والقويم * فإنّ للمسالم ذريّة باقيه

لكن الآثمين كلهم يبيدون * وأبناء الفاسقين ينقرضون

نجاة الصالحين من عند ربهم * حصنهم زمن الكرب

ربهم يعينهم ويخلّصهم * يخلّصهم من الفاسقين

ويعتصمون به * فيُنجيهم.

المزمور 38

رب لا تؤدبني في فورة سخطك * ولا تؤاخذني في سَورة غضبك

سهامك فيّ انسلكت * يدك عليّ انقضّت

لم يبق في لحمي عند غضبك * موضع سليم

ولا في عظمي بعد جرمي * جزء صحيح

آثامي غطّت رأسي * عِبءٌ لا قِبل لي به

قروحي مُنتِنة عَفِنه * لما لي من حَماقه

حريبٌ ذليل في حَيره * أضطرب كئيبًا يوميَ كله

كُلاي مُفعَمة بالحُمّى * لم يبق في لحمي موضع سليم

فأنا كسير محطّم حَيران * عويل أنين في قلبي

ربي كل أنينيّ بين يديك * تنهّدي لا يدور منك

قلبي راعش الحُمّى * قوّتي فارَقتني

حتى نور عيني * عزبني

الأحبة والرِفاق ينفرّون من قرحي * أقاربي لحًّا يتحامَونني

إنّ الذين بنفسي يُحدِقون مدّوا حبالات * مدبّري إصابتي اصطادوني

الذين يبغون شقائي بي ينددون * وطول نهارهم للغدر يدبّرون

لكنّي كأنّي أصمّ غيرسامع * لا أفتح فمي كأنّي أبكم

كمن لم يسمع شيئا * فلا زجر منه

ذلك أنك أنت يا رب رجائ * أنت الذي تتولّى الردّ يا رب يا إلهي

دعوت: «لا سخِروا منّي * ولا غلبوني حين تزِلّ قدمي»

إثمي بجانبي حارس * وعذابي دائمًا حاضر لديّ

أجلْ أنا بجُرمي مُقرّ * ومن أجل ذنبي قلِق

الذين يُسرفون في إيذائي في استقواء * ازداد ناقمون عليّ اعتباطا

يُكافئونني على الخير بالشر * يُسيئون بي الظن حين أتوخّى الخير

اللهم لا تخذُلني * يا رب لا تنأ عنّي

سارع إلى إغاثتي * يا رب خلاصي.

المزمور 39

قلت: «سأظَلّ حريصًا على مسلكي * لِألّا أنكبوَ بلساني

وأضع الكمامة على في * تُجاه مضاحكة الفاسق»

كُعِمت صامتا * سكَتّ هادئا * والشتدّ عذابي

قلبي في جوفي التهب التهابا * وكلّما فكّرت فيه زادت النار اشتعالا

فتكلم لساني قال: * «خبّرني يا رب ما مصيري

ما مقدار أيامي * حتى أعلم مدى عجْزي

ألا إنك جعلت أيامي شِبرا * ومُدّتي عندك عدما

كل إنسان ما هو إلا نفخه * ونُصْب إنسان

كل إنسان إن هو إلا شِبهٌ يمشي * وظِلّ يضظرب

يجمع مالًا * ثم لا يدري من يستحوِذ عليه»

وبعدُ فماذا أهتف يا رب * رجائي فيك

من كل آثامي خلّصني * لا تجعلني سُخريّة الحمقى

لكنّي أسكت ولا أنبِس * أما أنت فلتفعل

اصرِف عنّي ضرباتك * فأنا بضرب مِطرقك هالك

تؤدّب الإنسان بالمؤاخذة على سيّئاته * فتقرِض جسده قرض العُثّة * ما الآدميّون كلهم إلا نفخه

ربّي اسمع دعائي * ألق سمعك إلى صيحتي * اللهمّ لا تصامّ عن بُكائي

فإنما أنا ضيف عندك * مزيل ككلّ آبائي

كُفّ تجهّمك عنّي لِأفترج * قبل أن أرتحل ولا يبقى أثر لي.

المزمور 40

داومت جأرت إلى ربي * تعطّف عليّ * أصغى إلى صيحتي

نتشني من هوّة الهلاك * من بؤرة الحمأه

أرسى قدميّ على صخره * فثبّت خُطايّ

في فمي ألقى أغنيّة جديده * أغنية الحمد له

سيَرى ويخشى كثيرون * وربّهم يوقنون

طوبى له * من يوقن بربّه

ولا يجنَح إلى الأشباح المُهيّبه * وإلى أنصاب الزور

ما أكثر ما صنعت يا ربّ * أعملت يا إلهي معجزات

من عنايتك بنا * فليس كمثلك شيء

أريد أن أذيع وأردّد * أنها أكثر من أن تُحصى

لم يُعجبك ذبح ولا قربان * بل جعلت لي أذنًا واعيه

لم تطلب محرّقة * ولا ضحيّه

إذا قلت: * «لبّيك»

في الكتاب * فُرض عليّ

أن أطيعك * هذا رب رضائي

فحفظت شريعتك * مِن صميم حشاي

ناديت بعدل ربي * في الحشد الكبير

ألا إني لا أُطبِق شفتيّ * وأنت أعلم

لم أُبقِ عدلك مكتومًا في قلبي

بل جهرت * برأفتك بخلاصك

لم أكتم حبّك وصدقك * عن الحشد الكبير

اللهمّ لا تُغلِق دوني * أبواب لطفك

اجعل حبّك وصدقك * يحفَظاني لا يكُفّان

فضُروب الشقاء تحاصرني * لا أستطيع لها حصرا

سيّئاتي تنصبّ عليّ * حتى لا يمكنني الهروب

هي أكثر من شعر رأس * وقوايّ خانتني

اسرع يا رب بمساعدتي * يا رب عجّل بإعانتي

صُبّ الخزيُ والعار على أولئك * الذين يترصّدون نفسي * يبغون القضاء عليها

انكفأوا وفُضِحوا * أولئك الذين عن شقائي رضوا

سُبِتوا من الخزي * أولئك الذين يُهأهئون عليّ

سُرّ بك وفرِح * كل من يبعغون وجهك

ولا زالوا يرددون قول * «الله أكبر» * أولئك الذين يهيمون بخلاصك

أنا المسكين البائس * فيا رب اعجل إليّ

أنت معيني * فيا ربّ لا تُبطئنّ

المزمور 41

طوبى لمن يتحوّط كلامه * في يوم البؤس ربه يحفظه

ربّه يحرُسْه * يُطِل عمره * ويُسعِده في الدنيا

اللهمّ لا تُسلِمْه * إلى حنجرة عدوّه

ربّه يسنِدْه * في سرير أوجاعه

تسوّ فراش أسقامه * تُقلّبْ مرضه

قلت: * «الطُف بي ربّي

اشفِني * فقد أثِمت»

عِدايّ ينتظرون * كارثتي

يقولون: «متى ينقضي أجله * ويَمّحي اسمُه

إذا دخل عُوّدي * نطقوا ما افترت قلوبهم من السَخَف

فإذا خرجوا من عندي * لغطوا لغط الحاقدين

المبغضون لي كلهم عليّ يتهامسون * وللأسوأ عواقب بَلوايَ يتوقعون

يقولون: * «نصبّ سُمّا فيه

فالذي قد رقد * لن يقوم»

وحتى صديقي * الحميم الذي عوّلت عليه

الذي أكل من زادي * غزل عليّ أساطير النميمه

أما أنت يا رب * فالطف بي

أنهِضني * فسأجزي هؤلاء القوم بما يستحقّون

سأعرف * أنك راض محبّ لي

متى كفّ عدوّي * عن التشهير بي

أما أنا بكمالي * فامسُكني

وأبقِني دائمًا * أمام وجهك مؤيّدا

تبارك ربّي إله إسرائيل * من الأزل وإلى الأبد. آمين آمين.

المزمور 42-43

كما تتوق الأيّله إلى المياه الجاريه * كذلك تتوق نفسي إليك يا ربّي

نفسي ظمأى إلى الله * إله الحياه

متى سآخذ * أتشرب بوجه الله؟

لا قوت لي غير دموعي * بالليل وبالنهار

أنا الّذي طول يومي * يُقال لي: «أين ربك؟»

أذكر ونفسي * تسيل في باطني

إذ أؤمّ البيت العجيب * حتى أسجد قبل مقرّ ربي

بين دويّ الفرح والحمد * وحشود الحُجّاج

يا نفس لِم تخورين؟ * لماذا أمامي تندُبين؟

كوني لربك راجيه * سأجدّد الحمد له

لمن هو خلاصي الوجيه * لمن هو ربي

إذا نفسي خارت * فكّرتُ فيك

من أرض الأقبة مفروشة بحبائل * من جروف الجبائل

حيث يتردّد دعاء اللُجّة إصداء * لدي صخب صواعقك

مياهك وأمواجك * طمّت عليّ

بالنهار بعث ربي لطفه * وألهمني بالليل

أصلّي لرب حياتي أقول: * يا الله يا صخرتي

لِم تنساني؟ * لِما أنصرف حزينا

لعدوّي يُرهِقني * للمغتيل في عظمي

الباغون عليّ يُهينوني * يردّدون طول النهار * قولهم: «أين ربك؟»

يا نفس لِم تخورين؟ * لماذا أمامي تندُبين؟

كوني لربك راجيه * سأجدّد الحمد له

لمن هو خلاصي الوجيه * لمن هو ربي

(43) أنصفني يا الله * انصُرني

على القوم الذين لا يرحمون * من الغادر الفاسد نجّني

إنما أنت ربّي الذي إليه ألجأ * فلِم تنبُذني؟

لِم أنصرف حزينا * قد أرهقني عدوّي؟

أرسل من عندك النور والحق * يهدياني

يهدياني إلى جبلك القدُس * إلى مَغناك

إذن أقصد نُصُب ربّي * ربّ فرحي

أمرح وعلى الكِنّارة أتغنّى * بالثناء على ربي

يا نفس لِم تخورين؟ * لماذا أمامي تندُبين؟

كوني لربك راجيه * سأجدّد الحمد له

لمن هو خلاصي الوجيه * لمن هو ربي

المزمور 44

ربا إنّا سمعنا بآذاننا * وقصّ علينا آباؤنا

ما صنعت في أيّامهم * وأفاعيل يدك في الأيّام الخوالي

لكي تزرعهم * قلعت أمما

لكي تمكّن لهم * أهلكت شعوبا

لا سيفُهم ملك البلاد * ولا ساعِدهم جعلهم الغالبين

بل يميك وساعدك * ونور وجهك لأنك أحببتهم

إنك أنت يا ملكي يا الله * الذي كفلت النصر لآل يعقوب

بك غلبنا الخصْم * باسمك دوّحنا المعتدين

ما على قوسي كان اعتمادي * ولا سيفي جعلني غالبا

بل بك غلبنا خصمنا * أنت جلّلت بالخِزي عدوّنا

بربّنا نبتهج اليوم كلّه * مُحتفين باسمك لا نكفّ

لكنّك نبذتنا وهُزوًا اتّخذتنا * وكففت عن الخروج مع جندنا

جعلتنا نرتدّ على أعقابنا بين يدي خصمنا * وفي المغانم يرتَع عدوّنا

كحيوان الجزارة تُسلمنا * وفي الأمم شرّدتنا

تبيع شعبك بثمن بخس * لا تبغي من الصفقة ربحا

تجعلنا بين جيراننا سبّه * وفيمن حولنا حديثًا وضُحْكه

تجعلنا مثلًا عند الأمم * وموضع الاحتقار بين الشعوب

طول النهار عاري ماثلٌ أمامي * والخزي يجلّل وجهي

من صخَب الإهانة والسبّ * لدي مَظاهر الانتقام والضِغن

كل هوان ينزل بنا ولم ننسَك * ولم ننقُض عهدك

ولم تتقاعس قلوبنا عنك * ولم نتنكّب طريقك

أسحقتنا بنَتن الخاصرتين * فغطّيتنا بظلمة الفناء

إن كنّا نسينا اسم ربنا * وإلى إله غيره ابتهلنا

فهل اطّلع على ذلك ربنا * وهو الذي يعلم ما تُكِنّ القلوب؟

من أجلك نُذبّح طول النهار * ونُعدّ شاءً للجزاره

قم لِم تنام يا رب؟ * هُبّ ولا تغضب علينا يا غالب

لِم صرفت وجهك؟ * أتنسى ما نُعاني من بغي وبؤس؟

رقباتنا في التراب مُرِّغت * بطوننا بالأرض لصِقت

هلمّ هلمّ لإنجادنا * من أجل حبّك افدِنا.

المزمور 45

قلبي يجيش برائع الكلمات * فلأقرأنّ أبياتي * يا مليكنا

لساني براعه * الكاتب الصنّاع

أنت أجمل من ولد البشر * الرِقّة على شفتيك مبسوطه

قد باركك الله الصمد * الله القديم

انتطق سيفك * ستغلِب بهيبتك * ستفوز بأُبهتك

اركب باستفلاح * في سبيل قضيّة الحق * وانصر المساكين

فلتُعلنك أفاعل يُمناك * وسهامك حداد

هاهي الأقوام تحتك خاضعين * تنخلع قلوبهم أعداء الملك

ملّكك الله * الأزلي الأبدي

فتكن صولجان العدل * صولجان ملكك

ولتُحبّ الحقّ * وتبغض الفسوق

فطيّبك إلهك * الله الصمد

فدُهن الابتهاج * كِسوتك

المرّ والصبر والسليخة * من ثيابك

ما أكثر قصور العاج * ما أكثر الكنّارات تُطربك

بنات الملوك * من بين حظاياك

والملكة عن يمينك * في حلي ذهب أوفير

اسمعي بُنَيّتي انظري وأرهِفي سمعك * انسى قومك وبيت أبيك

يصْبُ إلى حُسنك المليك * إنه ربّك فاسجُدي له

ثوب صور من هداياك * ويستغيثك المُأدَبون

كل حِليتها قماش ملك * داخلها مقصّبة بالذهب * صناعة مطرّزات

ها هي تُزفّ العذراء إلى المليك * ومرافقاتها يُتبَعنَها

هلمّ تُزَفّنّ بالفرح والسرور * تُدخَلنّ إلى قصر الملك

سيكون لك بدل آبائك بنون * تجعلين منهم في نواحي الأرض أمراء يحكمون

لأجعلنّ اسمك باقيًا على مرّ العصور * وليثنينّ عليك الناس قرون القرون

المزمور 46

الله لنا * ملاذ وقوّه

معاوِن في الشدائد * وجنناه الأكبر

الله الصمد لا يداخلنا الخوف * ولو تفتح فمَه أرض الأموات

ولو ترنّحت الجبال في جوف البحار * وقد عجّ وجاش ماؤها

ورجفت الجبال في وسط البحر * أما النهر وفروعه فانتصبت كالسور

يُسرّر الله مدينته * يُقدّس مسكنه العلي الأعلى

ربّنا حلّ بها * فلن تقلقل

الله يؤيّدها * بسَحَر

كم من شعوب صخبت * وممالك اضطربت

فنادى * فإذ الأرض قد ذابت

معنا ربُ الجنود * حصن لنا إله يعقوب

هلمّوا انظروا إلى عظيم صُنع ربّكم * جعل الأرض خصيبه

أذهب الحرب * حتى عن أقصى الأرض

حطّم القَوس * كسّر الرمح * حرّق بالبرق عربيات الحرب

قال: «كفّوا اعلموا * أنني أنا الله

العلي على الخلق * العلي على الأرض»

معنا رب الجنود * حصن لنا إله يعقوب

المزمور 47

أيها الأرواح طرّا صفّقوا * أيها المتألهون بدويّ الفرح اهتفوا

ربّكم العلي الأعلى جبّار * مالك المُلك

جعل الأمم تحت نيرنا * جعل الشعوب تحت أقدامنا

اختار له تُراثا * عزّة يعقوب صفيّه

ها هو ربكم يصعد بين الهُتاف * إلهكم على صوت البوق

عزفًا أيها المتألهون عزفا * عزفًا لملكنا عزفا

إنه مالك المُلك * اعزفًا أيها المتألهون بكل ما أوتيتم من حذق

ربكم له السلطان على الشعوب * على عرشه القدُس يستوي * أمراء الشعوب انضمّوا

إنّ إله إبراهيم هو الجبّار * وإنه سلطان الأرض كافّه * سبحانه وتعالى

المزمور 48

ما أكبر ربكم * جدير بالحمد الكثير

في هذه القرية قرية إلهنا * وهذا الجبل القدُس

بطلعته الفخمه * للأرض كلها بهجه

جبل صهيون * يسبق على جبل صفون * فهو قصبة الملك الأكبر

ربنا هو قصره * يبدو حِصنًا منيعا

أتنظرون إلى الملوك * كيف اجتمعوا * وكُتلة واحدة زحفوا؟

نظروا فإذا هم قد وجموا * ذعِروا فجلَوا

غشيتهم تَمّ رِعده * مخْضَ التي أخذها الطلق

كأنما هبّت ريح الشرق * التي تحطّم فُلك ترشيش

ما سمعنا بآذاننا * رأينا بأعيننا

في مدينة ربّنا * في مدينة ربّ الجند

ثبّتها الله * إلى الأبد

نتفكر يا ربّنا في حبّك * ونحن في عُقر هيكلك

حمدك يا ربّ كاسمك * بلغ أقاصي أرضك

يُنماك مملوءة جودًا * جبل صهيون جذِل

بنات يهوذا فرِحه * لدي ما قضَيت لهنّ

دوروا حول صهيون جوسوا خِلالها * أحصوا بروجها

لترتبط قلوبكم بأسوارها * اعرفوا تفصيلًا آطامها

لترووا للأجيال المقبله * أنّه هو لله

على مرّ الدهور إلهنا * هو الذي يهدينا إلى الأبد.

المزمور 49

إلى قولي هذا أصغوا أيها الشعوب طرّا * اسمعوا يا أهل الدنيا جميعا

من وضيع ورفيع * وغنيّ وفقير

من فمي تنبعث الحكمه * ومن خطرات نفسي العقل

أُلقي السمع إلى مثلٍ ما * وأحُلّ بالعزف لُغزي

لِم الرَوع في أيّام البؤس؟ * أو غِلّ أنِمائي الذين بي يُحدقون

أولئك على ثروَتهم يعتمدون * وبمَوفور غناهم يعتدّون

والله لا يستطيع الإنسان شراء بقائه * ولا أن يدفع لربّه ثمن فدائه

مأوى الموتى ففداء نسفه * سينعدم إلى الأبد

لأنه خذل الفرصة أن يحيى في سعادة أبديّة * وأن ينوص الهُوّة

إن يرينّ الله الحكماء يموتون * وإن يعاين الحمقاء

يفنون فَورا * وثروَتهم لغيرهم يُخلّفون

وهم في دُورهم إلى الأبد * في مساكنهم على مرّ الدهور

وإن يذكر أسمائهم * وارثو أراضيهم

إن الإنسان في الدار السفلى سيبقى * كأنه حيوان الجزاره

هذا قضاء الذين جمعوا ثروَة * قدر الذين اتّبعوا شهواتهم

قُطعان تُجمَع في مأوى الموتى * الموت راعيهم

ينزلون في حنجرته كابن بكر * الدار السفلى تُحطّم أعضاءهم * يأكلهم المفترس

أما نفسي فربّي يُنقذها * من براثن مأوى الموتى ويجيرني

لا تحسُد الثريّ إذا أثرى * وازداد بيته مجدا

فهو إذا هلك لا يحمل شيئًا معه * مجده لا يُدَلّى معه في رمسه * نفسه التي تعهّدها في حياته

وإن يحمدونك على تحسينك نفسك * ستذهب إلى من سلف من آبائك * الذين لن يرَوا النور أبدا

إن الإنسان في الدار السفلى سيبقى * كأنه حيوان الجزاره

المزمور 50

إله الآلهة ربّكم * يتكلّم ويُنادي الأرض * من شروق الشمس إلى غروبها

من صهيون يسطع * جمالًا تامّا

ربّنا يقدم علينا * ويكفّ عن صمته

بين يديه نار تلتهم * ومن حوله عاصفة عاتيه

يدعو السماوات من علاه * والأرض لتشهد محاكمة شعبه

يقول: «احشروا بين يديّ أوليائي * الذين بقرابينهم عقدوا ميثاقي»

لتُعلي السماوات العدل * فالله ذاته هو العدل

يقول: «أنصِتوا يا قومي فإني مكلّمكم * يا بني إسرائيل وشاهدٌ عليكم بالتُهمة

أنا الربّ إلهكم

لا أنقِم منكم ذبائحكم * ولا محرّقاتكم وهي دائمًا بين يديّ

لا ينالني من دُوركم ثور * ولا من حظائركم تَيس

فما من حيوان في الغاب إلا وهو لي * ولي الحيوان في الجبال الشامخة

أعرف طَير الجبال طُرّا * وكلّ دابّة في الأرض لي

إن جُعت لا أُخبِركم * لأنّ الدنيا وما فيها لي

وهل أنا من لحم الثيران آكل * وهل أنا لِدم التيوس شارب؟

قدّموا لربّكم قرابين الشكر * أوفوا بنذوركم للعلي الأعلى

ادعوني يوم الكرب * أفرّج عنكم وأُعِدّ لكم وليمه»

أما الفاسق * فربّنا يقول له:

ما شأنك وسرد أوامري * أو تلاوة عهدي

وأنت الذي تنفر من طاعة ربّك * وتنبُذ كلماتي وراء ظهرك

إذا سقطتَ على سارق تسابقه * وتسكن إلى الزُناه

بفمك تصنع الشر * وبلسانك تنسُج الخِداع

في مجلسك تذمّ أخاك * وتنال من كرامة ابن أمّك

هذا ما يكون منك * فهل أسكت عنه؟

تتفكّر في الشرّ * هل أنا مثلك؟

إني متّهمكم * وبالتهمة مواجهكم

خدوا حذركم يا من تنسَون ربّكم * لئلّا أبطِش ولا مُنقذ

من يبذل الشكر أُعِدّ له وليمه * ومن اهتدى أُشرِبنّه خلاص ربّه.»

المزمور 51

ارحمني اللهمّ بلطفك * امح خطيئتي بعظيم حنانك

اغسِل عنّي كلّ إثم * طهّرني من خطيئتي

أنا أعرِف ذنبي * ولا أكُفّ عن رؤية خطيئتي

إيّاك عصَيت * وما لا يُرضيك ارتكبت

فيكون حُكمك عدلًا إذا حكمت * وقضاؤك سليمًا إذا قضيت

ربّ إني وُلدت سيّئَا * وحملتني أمّي خاطئَا

وأنت تفضّل الحقّ * على حِيَل السِحر والرُقيَه * فآتني الحكمة

أعدِم خطيئتي يا ربّ أكن من ماء المنبع أطهر * اغسِلني أكن من الثلج أنصع

أسمِعني صوت السرور والفرح * ترقص عظامي التي حطّمتها

أعرِض عن خطيئتي * انزع منّي كلّ إثم

اخلُق فيّ يا ربّ قلبًا صافيّا * أعِد إلى صدري نفسًا مطمئنّه

لا تُقصِني عن وجهك * لا تنزع منّي روحك القدس

رُدّ عليّ بهجة خلاصك * أثبت فيّ روحًا نبيلا

أعرّف الخاطئين سبيلك * يثُب الضالون إليك

نجّني من الرثْي * يا الله إلهي

فيلهج يا خلاصي * لساني بعدلك

يا ربّ افتح شفتيّ * ينطلق لساني بحمدك

لو أعجبك الذبائح * لآتيتها * كذلك لو أرضَتك المحرّقات

فالقربان المقبول لك قلب محطّم * فقلبًا تكسّر وتحطّم لا تدحَرْ

بفضلك أحسِن إلى صهيون * جدّد أسوار أورشليم

إذن تَرضَى عن لائق القرابين * عن المحرّقات والذبائح الكامله * إذن تعلو العجولُ مذحبك.

المزمور 52

لّم هذا الفخر بالشر يا كبير * يا متديّن التمادي في تدبير الإثم؟

لسانك موسى مُرهَفه * يا مُبديعًا في التدجيل

المنكر أحبّ إليك من المعروف * والبهتان من القسط

تحِبّ كل كلمة مُرديه * تنطقها لسانك المُضِلّ

برعدٍ ربَك يشحقْك * وإلى الأبد يُعقّرْك

من بيتك ينزعْك * ويجتثُّ أبنائك أحياءً من الأرض

والصالحون يشاهدو ويخشَون * ومنه يضحكون

يقولون: «هذا الذي لم يتّخذ * من ربّه وزرًا له

اتّكل على مَوفور ماله * واعتزّ بآثامه»

أما أنا فكأنّي شجرة الزيتون المُخضرّه * في بيت الله

فعلى حُبّ ربّي أتّكل * الدائم الأبدي

سأشكر لك يا باق * لأنك الفعّال

وأعلِن رجائي في كريم اسمك * بين أولئك الذين يحبّونك.

المزمور 53

حسِب الذين لا يعقلون * أن لله متغيّب

إنهم مزيّفون مُفسِدون في الأرض * لم يبق أحد من المهتدين

الله يُطلّ من السماوات * على بني آدم

ليرى أفيهم من يعقِل * من يبتغي وجه الله

كللهم قد ضلّوا * فسَدوا أجمعين

لم يبق فيهم مُهتد * مهتدٍ فرد

هل تبيّن ذلك أولئك المفسدون؟ * أن مَن يأكل شعبه

يأكل زاد الله * لم يحصدوا

ها هم نسقوا أجنادهم * ولكن لم يدم الحصر

فالله يُبعثِر * عظام محصّريك

مَن الذي من صهيون * يهب الخلاص لبني إسرائيل؟

إذا ردّ الله * حظّ شعبه

ابتهج يعقوب * وفرِح إسرائيل.

المزمور 54

اللهم باسمك نجّني * بقوّتك أيّدني

الهم كن لدعاشي سميعا * وإلى ما ألفظ من قول مصغيا

قوم من الأغراب هبّوا لمناوأتي * جماعة من العتاة يتصيّدون نفسي * لا يرقُبون أن الله نجيبي

لكن ها هو ربي يسارع إلى إعانتي * ربّي مع الذين يسنِدون نفسي

صَبّ الشر على قاذعيّ * بصِدقه قد دمّرهم

لكرامتك سأقرّب القربان لك * وأودّي الشكر لاسمك الأكرم

فهو من كل كرب نجاني * ولما حلّ بالعدوّ شهِدت.

المزمور 55

اسمع يا ربّ دعائي * لا تستغشِ عن تضرّعي

ائذن إليّ واستجب لي * انزِل إلى ضجري

إني أرتعد من صيحات العدوّ * وتحديق الفاسق

إنهم يُهيلون عليّ الشقاء * ويتّهمونني في وجهي

قلبي يتلوّى في جوفي * أهوال الموت تساورني

الخَوف والرجف يصوليان بي * الرعدة استَولت عليّ * أقول:

من لي بجنحَي حمامه * كَي أطير وأحُطّ؟

إذن إلى مكان سحيق أفِرّ * والمفازة أقِرّ

أستعجل ملجأً لي * من الريح الهَوجا، من الزَوبعة

أهلِك يا ربّ ألسنتهم المفروقه * فإنّي أرى العسف والشقاق في هذه القريه

بالليل والنهار يحوّمان * وفوق أسوارها العناء والشقاء

من داخلها الدمار * من داخلها لا يفارق أبدًا * من ساحتها الزور والطغيان

فلم يكن عدوًّا هو الذي وجّه إليّ الإهانه * التي أكابدها

ولم يكن خصمي الذي كابرني * لِأتّقيه

لكنّه أنت إنسان لي نِدّ * خِلّي صديقي الحميم

ربطَتني به العِشرة الحُلوَه * في بيت الله * اغتلطنا بالجمهور

ولينقضّ عليهم الموت * واليتردَّوا أحياء في مأوى الموتى

فكلام مُسِمّ من مناجرهم * من باطنهم

أما أنا فوجّهت إلى ربّي دعائي * وهو أنجاني

عشِيًّا وبُكرةً وعند الظهيره * شكَوت ورجَفت

وسمِع جؤاري الفادي * دافعًا عن نفسي

اقترب بي * وكم من قوم مُضادّوني

سمِع الله وأجاب * قضى القديم * الذي لا يمسّه التغيّر

إنهم لا يخشَون ربّهم * إنه إلى حُلفائه يبسط يده * نقض عهده

أليَن من القِشدة فمه * والحرب بقلبه

أنعمُ من الزيت أحاديثه * وهي سيوف مسلوله

المعتني بك الرب الأعلى * الرحمن يرزُقك

هو لا يدع إلى الأبد * الصالح ينهار

وأنت يا ربّ تُنزِلهم * إلى القعر الكدِر

أما قوم الأوثان والتماثيل فلا يصِلوا إلى نُصف أعمارهم * وأنا أعتمد عليك

المزمور 56

لطفك يا ربّ * إنّ الناس يُطاردونني

عامّة النهار * بفكَّين يهاجمون عليّ

نادسونني يطاردونني عامّة النهار * الهاجمون عليّ كثيرون

أيها المتعالي حين خوفي * فعليك توكُّلي

أتبجّد بربي يا لمّاز * على الله توكلت

لن أخاف * ماذا يصيبني من البشر؟

عامّة النهار لمّازي يعذّبونني * عليّ كل دسائسهم

للفساد يأتمرون يترصّدون * ها هم آثاري يتتبّعون * كأنّهم شرَك يُخرِقون نفسي

من شرهم نجِّنا * في سَورة غضبك يا ربّ أخضِع الشعوب

اكتب أنت نَوحي * أحصِ في رقّ دموعي * وشدائدي في كتابك

إذن يُولّي أعدائي الأدبار * يوم أدعوك

إنّي أعلم * أنّ الله معي

أتبجّد بالله يا لمّاز * أتبجّد بربّي يا لمّاز

لن أخاف * وأنا على ربّي متوكّل * ماذا يصيبني من البشر؟

أنا كفيل يا ربّ * بالنذور التي هي لك * سأؤدّي ألوان الشكر إليك

فأنقِذ نفسي من المَوت * ادفع رِجلي من التشريد

لأسير بين يدّي الله * في مَيدان الأحياء

المزمور 57

لطفك يا ربّ لطفك * نفسي تعوذ بك

إلى ذرَي جناحك آوي * حتّى تنكشف الغمّه

إلى الله المتعالي بالدعاء أتوجّه * إلى ربّي المنتقم الأعلى

سيبعث من علائه فينجيني * من لواذع من يُرهقني * سيبعث من عنده الحبّ والصدق

نفسي مُلقاة بين لُيوث * تفترس الناس

أنيابها رماح ونبال * لسانها سَيف مرهف

شرفك يا ربّ فوق السمانات * فوق الأرض جميعًا مجدك

نصبوا الشَرك لخطاي * رِبقة لرقبني

حفروا قدّامي حُفره * فيها ليتردّوا

قلبي تهيّأ يا رب * قلبي تهيّأ * أريد أن أغنّي، أن أعزف لك

انبعث يا قلبي * انبعثا عودي وكِناري * سأبعث الفجر

أريد يا ربّ أن أحمدك بين الشعوب * أن أعزف لعظمتك في البلاد

امتدّ إلى السماوات حبّك * وإلى السحُب صدقك

شرفك يا ربّ فوق السماوات * فوق الأرض جميعّا مجد.

المزمور 58

أيها العلماء والأرباب أفتوا بالعدل * احكُموا بني آدم بالحق

ولكنّكم تعملون بقلوب الإثم * وبأيديكم تكيلون الحُكم بالظُلم

مقُتوا وهم في الحشا هؤلاء الفاسقون * تاهوا وهم في البطون أولئك الذين بالباطل ينطِقون

فيهم سُمّ كسمّ الحيّه * صمّ كالأفعى تسُدّ أذنها

حذّر أصواتَ الحُواه * والرافي الخبير برقاه

ربّنا اثرُم من أفواهم أسنانهم * اقطع يا الله من هؤلاء الأشبال أنيابهم

ليفيضوا كالماء يذهب سَيلا * برَميه بسهامه يكن مضنيّا

كمفنيّ بسِلّ ليرتحل * أو سِقط الحامل لا يرى الشمس

قبل أن ينتبهوا لقوة شَوكهم * لتعصِف ريح الغضب بهم

سيفرح الصالح إذا شاهد نصره * إذا غسل في دم الفاسق الأقدام

ويُقال: «أجل للصالح أجره * وثمّ دَيّان يقضي في أرضه.»

المزمور 59

يا الله من عدوّي أنجني * وعبَدة الأوثان قِني

ممّن يعملون السيئات احفظني * من الوثنيّين أنقذني

هاهم بالمرصاد لنفسي * أولو قوّة يتعلّبون عليّ

وما خطئت يا ربّ ولا أثمت * بلا ذنب منّي يسارعون ويتهيّأون

هبّ كن قدّامي وأنت ألقِ نظره * ربّ يا ربّ الجنود يا إله إسرائيل

انهض لتُعذّب المشركين أجمعين * ولا ترحم أحدًا من الخائنين المفسدين

ينتظرون العشيّ * ثمّ كالكِلاب يهِرّون * خلال البلد يجوسون

ها هم من أفواههم * ومن شفاههم يقذِفون سُيوفًا * يقولون: هل من سميع؟

أنت يا ربّ تهزأ بهم * تضحك من المشركين كلهم

إنّما ربّي حصني * أجل إنّي حريز

ربّي سياجي * ربّي سوري

ربّي يقدُم أمامي * يُشمِتني بمرصّديني

يا ربّ قتّلهم * كيلا يعيى قومي

أمِلهم من قلعتك * أسقِطهم * يا مَولانا يا ربّنا

بالإثم الذي على أفواههم * وبالقول الذي تلفظ شفاههم * فليُؤخَذوا

لأجل كبريائهم * لتجديفهم وخداعهم * يُستباحوا

دمّر مغضبًا * دمّر حتّى لا تبقى منهم باقيه

وحتّى يعلم الناس * أن لله الكلمة العاليه * في آل يعقوبَ إلى أقصى البلاد

ينتظرون العشيّ * ثمّ كالكِلاب يهِرّون * خلال البلد يجوسون

ها هم من أفواههم * ومن شفاههم يقذِفون سُيوفًا * يقولون: هل من سميع؟

أمّا أنا فأتغنّى بقُدرتك * أشدو حين أُصبح بحبّك

فقد كنتَ لي حصنا * وحين الكرب ملاذا

إنّما ربّي حصني * أجل إنّي حريز

ربّي سياجي * ربّي سوري

المزمور 60

ربّنا إنك حرِبت وحَصت عنّا * حنِقت منّا فأدبرت عنّا

هززتَ الأرض فانفتّت * ضعُفت بشروخها وترنّحت جِدًا

أبلعتَ شعبك سمَل الكأس * سقَيتنا خمرًا تُصيب بالدُوار

اجعل للمؤمنين بك عَلَمًا * كي يتّقوا القُوّاسين

كي ينجوَ أحبّاؤك * بيُمناك أغِث ولنا انتصر

قال ربّكم من بيت قُدسه * «أبتهج إذ أُقسّم سكيم * وأقيس واديَ سَكّوت

لي جلعاد لي منسّى * أفرائيم خوذة رأسي * يهوذا صَولجان مُلكي

مُوآب مِغسلي * وعلى أدوم أحُطّ نعلي * وعلى فلسطين تكبيري»

مَن يأتيني ببلد الصخر؟ * مَن يؤتيني عرش أدوم؟

أعلينا ستغضَب يا ربّ؟ * فلن تخرج مع جندنا؟

أعِنّنا من المُبغى علينا * فالعَون من البشر عدم

بالعَون من الله نأتي بعجائب من بأسنا * وهو يُذِلّ الباغين علينا.

المزمور 61

اسمع يا ربّ صَيحاتي * أصغِ إلى دعائي

من حدّ الأرض السُفلى * أناديك * إنّ نفسي قد خارت

إلى الخصرة العالة * قُدني

فأنت ملاذي بُرجٌ منيع تُجاه عدوّي

أتمنّ أن أعيش في بيتك الأبديه * وآوي إلى ذرى جناحك

فأصغِ يا ربّ إلى نذوري * فاستجب لمن يخشاك بأمنيته

زِد أيّام الملِك أيّاما * وأمدِد سنيه قرونًا فقرونا

فليجلس على عرشه الأبدي بين يدَي ربّه * والحبّ والصِدق مرتّبان لحِفظه

إذن لن أكُفّ عن العزف لاسمك * موفيًا على توالي الأيّام بنذوري لك.

المزمور 62

إنّ الله الأعلى وحده قلعتي * يا نفسي خلاصي من لدنه

إنه وحده جبل خلاصي وحِصني * فلن أكبوَ في الحِباله

حتّام على الإنسان تجعجون * تتقولون على الرجل؟

كلّكم شِبه جِدار انقضّ * أو سور انهار؟

خِداعٌ ليس غيرُ تدبيرُهم * والفتنة مُتْعتهم

إنّهم بأفواههم من الحامدين * وفي دخيلة أنفسهم من اللاعنين

إنّ الله وحده قلعتي * يا نفسي هو مصدر رجائي

إنه وحده جبل خلاصي وحِصني * فلن أكبوَ في الحِباله

الله العي هو خلاصي * ومجيدي هو صخرة قوّتي * عند الله معقِلي

عليه اعتمدوا في كلّ حين العزيز * بين يديه افتحوا قلوبكم * فالله لنا الملتجأ

أبناء آدم إن هم إلّا نفخه * ونبلاءهم إلّا أُكذوبه

إذا وُزنوا وُجدوا أخفّ من ورقة * من نفخة مجتمعين

لا تعتمدوا على العسْف والنهْب * ولا تعبدوا الثراء

إذا نطق الله * اسمعوا وعوا

قال ربّكم قَولا * وسمعت قولين:

أنّ العِزّة له * ولك الحبّ يا الله

وأنّك تجزي * الإنسان بعمله.

المزمور 63

يا ربّي إلاهي * إياك أبتغي

نفسي عطشى إليك * جِسمي نُحول هُيامًا بك

كالأرض القحلة تطمُأ * إلى قطر الماء

أريد أن أشاهدك في بيت قدسك * وأرى عِزّتك وجلالك

حبّك خير من الحياه * من شفتاي بحمدك مسبّحَين

أريد أن أحمدك مدى حياتي الأبدية * وفي سمواتك أرفع يدي حامدًا

هنالك بالحليب والشحم * ستبشم نفسي

فالابتهاج في شفتي * والحمد مِلء الفم

حين أفكّر فيك على فراشي * وأذكُرك في سُهدي

يا من كُنتَ عَوني * وأمرح في ذَرى جناحك

نفسي تلتزمك * يُمناك تؤيّدني

أمّا هم الذين يصيّدون نفسي * فليُغيَّبوا في جوف الأرض

ليُعرَضوا على حدّ سيفه * وليكونوا طُعمًا لأبناء آوى

أما الملك فبربّه يفرح * من يحلِف به يحتمد * حين أفواه الكاذين تُسدّ.

المزمور 64

اسمع يا ربّ * صوت شكواي

قِ حياتي عِصابة عِداي * عن مجلس الخُبُث استُرني * عن زُمرة من يعملون السيّئات

الذين يُرهفون ألسنتهم كالسيف * يُفوّقون الكلمة السامّة كالسهم

ليرموا البرئ من مَكمنهم * يرمون بَغتةً ولا يُبالون

يقوّون له سمًّا ذُعافا * يخبؤون شركهم بالتدبير

يقولون: «من يرانا * ويفتّش جريمتنا المتّقنه؟»

يفتّش المُطّلع * على بواطن الإنسان * حتّى خفايا القلوب

تعالى إله السهم * فكانت جراحهم مضاعَفه

سيكبَعَل الله المغتيببين * وكل المتكبرين سيفشَلون

سيخشى كلّ امرئ وينشر فِعل الله * ويفقه العمل الذي أتاه

ليفرحْ الصالح بربّه * ويجدْ فيه معتصمه * ويُسبّحْ ذوو القلوب القويمة بحمده

المزمور 65

يا لك في قصرك من الحمد * يا ربّ في صهيون

وأن نوفي لك بنرنا * فإنّك تستجيب لنا

عليك يُعرَض كلّ حي * معه سيئاته

معاصينا غير متهاهيه * فامحُها أنت

طوبى لمن اجتبيت وقرّبت * يعيش في كنفك

لنشبعْ من حُسن بيتك * من قُدس معبدك

يوم الفصل أُرئِنا أعاجيبك * يا إله خلاصنا

يا مُهدِئ الأرض القاصيه * والجزر النائيه

يا من تُرسي الجبال بقدرتك * وتُنطّقها بعزتك

يا من يُسكن الخِضمّ العجّاج * والغمر الصخّاب * وهرج الأمم

رعب الساكنون في أطراف الأرض * من آياتك

يفرح الكوكب * المُلألئة إصباحًا وإمساءا

تجلَّ على الأرض * أسقِها * وبالخصب غطِّها

أملئ نهر السماء بالماء * هيِّئ غِلّة الأرض * فأنت كوّنتها

اسقِ أخاديدها * سوِّ قلاعها

بالغيث طرِّها * وبارك في بذرها

كلِّل القِمم بنعمك * ولتسِلْ بالشحم مروجك

لتتحلّبْ مراعي الفلاة بالشمن * والرُبى تتنطّقْ بالفَرَح

الثُغر تكْتَسِ بالقُطعان * وتلبسْ البطاح الحِنطة

فيا لها من أفراح * ويا لها من أغان.

المزمور 66

اهتفي لربّك أيتها الأرض جميعا * وتغني اسمه المجيد * رنّمي بحمد جلاله

قولي لربّكِ * «يا لك من صانع

على قدر قدرتك * أعداؤك يتملّقونك

الأرض كلّها تسجد لك * وتشدو لك وتتغنّي باسمك»

هلمّوا انظروا أفعال ربّكم * مُرعب الناس بصنعه العظيم

صيّر البحر يبسا * جازوا النهر لم تُبَلّ لهم قدم * فليكن به فرحنا

يأمر من قلعته الباقيه * يرقب على الأمم * كي لا يُحادّه العاصاه

يا قومُ ربّنا احمدوا * صوتوا الثناء عليه

هو الذي أسكننا بين الأحياء * وحفظ من المَنقع أقدامنا

يا ربّ بلَوتنا * وكما تُمحَص الفضّة محصتنا

في البديّة أوقعتا * وجعلت قُروح في أوراكنا

وحملت الصُداع على رؤوسنا * النار والماء قاسَينا * وقد أخرجتنا من اليَسَر

أفِدُ على بيتك بمحرّقات * أوفي بنذور

التي عنها افترّت شفتاي * وبها نطق فمي حين كربي

أقرّب لك محرّقات سمانا * تصحبها رائحة الكِباش * وأعِدّ ماشية مسمّة وتيوسا

أقبِلوا اسمعوا أيّها المتّقون * أقُصّ ما صنع لنفسي

إليه اطلق الصياح من فمي * والثناء كان على لساني

لو على شيء من الخُبث انطوى قلبي * لما أرضاني ربّي

لكنّ ربّي أرضاني * وكان سميعًا لدعائي

تبارك ربّي * لأنه لم ينبُذ دعائي * فمئاة مرات سأقصّ حبّه

المزمور 67

وفّقنا الله لرضاه وجاد عليا ببركاته * أفاض من نور وجهه وأتى إلينا

ليشهُر في الأرض مُلكك * وفي الأمم جميعًا خلاصك

إذًا يُأدّي الناسَ الشكر لك يا ربّ * تُأدّي الشعوب طُرّا الشكر لك

لعلّ الأممَ تفرح وتُغنّي * لأنك تحكم الدنيا بالعدل

وتسوق الناس إلى الوسيع * وأمم إلى الأرض

إذًا يُأدّي الناسَ الشكر لك يا ربّ * تُأدّي الشعوب طُرّا الشكر لك

جادت الأرض بالغَله * الله يجود علينا بالبركه

بارك الله فينا * واستَولت خشيته على أقاصي الأرض

المزمور 68

ما كاد ربّكم يهُبّ * حتى تفرّق عدوّه * وانكفأ أمام وجهه من يُحادّه

كما يتبدّد الدخان يتبدّدون * كما يذوب الشمع لقي النار

يذوب الكفّار * لدَي ربّكم

أمّا الصالحون فسيمرحون * ابتهاجًا بمواجهة ربّهم * افتراحًا بالزغرة

غنّوا أيّها المتألهون اعزفوا يا سماءه * امهدوا الطريق لراكب السُحب أفسحوا

بربّكم افرحوا * بن يديه ارقصوا

أبو اليتامى نصير الأيامى * إنّما هو الله * الفاعل من مغناه القُدُس

ربّكم يُنعم على المحروم ببيتٍ ينزل فيه * ويُسرح الأسرى طِرابا

أمّا العاصون * ففي الرمضاء يُقيمون

ربّنا * لمّا بدَوت تجاه شعبك * فرَيت الفلاة

الأرض رجفت * والسماوات في حضرة ربّكم ذابت

تجاه الله * صاحب سيناء

تجاه الله * إلٰه إسرائيل

أنت يا ربّ نزِّل غيث الجود * جدِّد أرض تراثك

عُل أهلك الساكن فيها * زوِّد فلاحيها يا ربّ بالمطر

يُطِلقْ ربّكم الأمر * المبشّر جنود الإلعيون

وملوكهم يركعوا بتنزيل المطر * وحقول الأرض تشرب حظّها من النعمه

وليصِبّ في الوادي * بين المروج

حمامٌ اكتست أجنحتها الفضّة * وفي ريشها بريق الذهب

عند ما الله شدَّي حجب ملوك العِليون * ثلج على جبل صلمون

ألا إنّ جبل باشان جبلٌ إلٰهي؟ * جبلٌ أشمّ جبل باشان

أيّتها الشوامخ * لِما تقلّلين

من شأن الجبل الذي اختاره ربّنا نُزلًا له * أجل ربّنا إلى الأبد يحُلّ به

عُدّة مراكب ربّكم إشرون ألف * لا حصر لقَوّاسه * وهو فطر سيناء بيته القدس

ربّنا إنّك علَوت جبلك * وأسرت الأسرى

وهبشتَ الجزية عن أيديهم * أمّا العاصين فطمرهم الله ربكم

تبارك ما تعاقبت الأيّام ربّنا * فوضع العبء عنّا الربّ مخلّصنا

ربّنا إلٰه نجدات * لله ربّا مخرجنا من الموت

لكنّه قرع رؤوس أعدائه * شجّ جماجمهم * في زحفه من السماء

قال ربّكم: «أخمدت الثعلب * كعمتُ ساكن أعماق اليمّ»

كذلك فقش قدمك أعضاءهم * ويكون العدوّ نصيب ألسنة كلابك

اشهدوا مواكب الله * مواكب إلٰهي * ملكي في قدس الأقداس

يقدمها المنشدون * ومن خلفها العازفون * وفي وسطها العذارى على الدُفّ ينقُرن

تغنّوا في المجمع بحمد الله * بحمد ربّكم في اجتماع إسرائل

فها هنا بنيامين أصغرهم في الطليعه * ووجوه يهوذا في صَفّين

ووجوه زبولون * ووجوه نفتالي

ابعث يا ربّ عِزّتك * أعزِز يا رب ما بَنَيتَ لنا

هيكلك يا علي هو أروشليم * عليك يفد الملوك يحملون هدايا

أعِدّ النكال لبهيمة القصب * لعصابة الثيران مع العجول

الذين يدمسون أممًا لأجل الذهب والفضة * يشتّتون أممًا يهيمون بالقتال

ليأتِ قُمّاش مصر ببَزّ أزرق * ولتُعجّل الحبشة بصُنعها لله

يا ملوك الأرض غنّوا لربّكم * يا متألّهون اعزفوا لربّنا

ها هو راكب السماواته * السماوات القديمه

ها هو يرفع الصوت * صوت العزه

فقرّوا بعزة ربّكم * علي إسرائيل

جلاله وعزّته يفوقان عنان السماء * ربّكم أكثر مهيب من بيته القدس

هو إلٰه إسرائيل * واهب القوة والعزه * يا ناس بارك الله.

المزمور 69

أنقذني ربّي * فالماء قد بلغ الرقبه

أهوي في بؤرة حمأه * ولا مقرّ

غُصتُ في اللُجّه * وغطّاني الماء الدوّار

أنهكني الصُراخ * جفّ حلقي

كلّت عيناي * من ترقّبي يا الله

أكثر من شَعر الرأس * أولئك الذين يؤذونني خلسةً

أغزرُ من شعري * من يُبغِضونني نِفاقا

ما لم آخذ * هذا حتمٌ علي أن أردّ

ربّ أنت بجهالتي أعلم * وذنوبي مكشوفة لديك

فلا يخجلون منّي من يرجونك * يا ربّ الجنود

لا يخزَون منّي من يبتغون وجهك * يا إله إسرائيل

في سبيلك أُعاني الهوان * ويُجلّل الخزي وجهي

أصبحت غريبًا في إخواتي * يُنكرني أبناء أمّي

استبدّت بي الغَيرة على بيتك * عليّ يقع سبّ الذين يسبّونك

إذا فرّغتُ نفسي بالصوم * والسُبّة أصبحت حظّي

إذا اتّخذتُ الخيشة لباسا * جعلوني حديثا

يسخر بي بتلحين الراتعون * هم والمَخمورون

وأنا أوجّه إليك الدعاء يا ربّ * فالآن الطف لي يا الله

بواسع حبّك يا ربّ * استجب لي * بأمان خلاصك

استشلني من الحمأه * قبل أن أغرَق

لأنجوَ من عدوّي * ومن غمر الماء

حتّى لا تغرقني الدوّار * ولا تبتلعني الهوّه * ولا تلتقمني الحفره

استجب لي يا ربّ * برحمة حبّك

انظر إليّ * لواسع لطفك

عن عبدك * لا تحجب وجهك

حلّ بي الظلم * فعجّل بغَوثك

ادنُ من نفسي اثأرْ لها * من مسكن عدوّي افدني

أنت تعلم هواني * حِزيي وفحيضتي حاضران لدّيك

الإهانة أفسدت أحشائي * المرض كسرت قلبي

رجَوت من يعالجني فلم أجدهم * نشدت من يؤاسيني فلم أهتد إليهم

قدّموا لي السُمّ غِذاءا * عطِشتُ فسقّوني خلّا

عسى أن تكون مائدتهم فخّا لدَيهم * وأصحابهم شركا

عسى أن تُغطّي الغشاوة أبصارهم * وأن تكِلّ في كل حين متونهم

صبّ عليهم غضبك * حتّى تمسّهم نار سخطك

حتّى تصير مساكنهم بلقعا * وخيامهم خاويه

إنهم على من ضربتَه اضطهدوا * وعن من مسّته بالقروح تحدثوا

حبّلْهم ذنوبًا فوق ذنوب * حتّى لا يدخلوا إلى رَوضتك

حتّى يُمحَوا من سِجِلّ الأحياء * وسُقطوا من عِداد الصالحين

وأنا الجريح المنحني * فلعلّ خلاصك يا ربّ يشدّ أزري

فأحمدَ اسمك يا ربّ بأنشوده * وبالشكر أعظّمه

ذلك أحبّ إلى ربّي من ثور يُقرَّب * من بهيمة قويّة ذات قرنٍ وظِلف

رؤوا أيّها الضعفاء * ليفرح مبتغو وجه الله * وتنتعشْ قلوبكم

فهو يُرضي الفقراء * ولا يحقِر المرتبطين به

فلتهتف السماء والأرض له * والبحر وما يضطرب في جَوفه

لأنّه سيُنجي صهيون * ويجدّد بناء قُرى يهوذا * يسكنها أهلها ويملكونها

ذُرّيّة مَن يعبدونه سَيرثونها * ومُحبّو اسمه بها يُقيمون.

المزمور 70

عجّل اللهم بإغاثتي * يا ربّ بإعانتي بادرنّ

ركِب الخزي والعار * أو لئك الذي هم لنفسي بالمرصاد

خشئوا وفُضِحوا * أولئك الذين يلتذّون بشقائي

عسى أن ينكفئوا جزاءًا لنميمهم القاضح * أولئك الذين يهأهئون

وليكن الفرح والمتعة بك * لكلّ من يبعغون وجهك

لا زالوا القول «الله أكبر» يردّدون * أولئك الذين بخلاصك يهيمون

أما أنا فالمسكين البائس * فيا ربّ بادِرنّ

أنت مغيثي ومنقذي * فيا ربّ لا تبطئنّ.

المزمور 71

ائتمنتُك يا ربّ * لا لحِقني خزي يا أبدي

بأمانك خلّصني وأنقِذني * أرعِني سمعك ونجِّني

والِني يا جبل السياج * التزمتَ أن تأتي في أي وقت

نجِّني * فأنت صخرتي وسوري

ربّ خلّصني من يد الفاسق * من قبضة الغادر واللصّ

فإنّما أنت يا ربّ رجائي * ومنذ الصبا مُعيلي

عليك اعتمادي مُذ كنتُ رضيعًا * وأنت نصيبي مذ كنت جنينا * ولك حمدي سرمدا

كنتُ هدف القوّاسين * لكِنّك أنت ملجئي المأمون

حمدك مِلء فمي * وتمجيدك عامّة نهاري

لا تنبُذْني في شَيخوختي * لا تتخلّ عنّي حين همود قوّتي

فأعدائي ينظرون إليّ * والذين هم لنفسي بالمرصاد يأتمرون

يقولون: «خذله ربّه فتصيّدوه * خذوه فعَدِم النصير»

ربّ لا تنأ عنّي * إلهي عجّل بعَوني

حلّ الخزي والدمار * بأولئك الذين يقذِفونني

عسى أن يغشى الغار والهون * أولئك الذي شقائي يبغون

وأنا برجائي الذي لا يفتُر * سأضاعف لك الحمد

عسى أن يُردّد فمي حديث إفضالك عليّ * وعامّة النهار حديث خلاصك * لو استطعت إحصائه

سأفد إلى معبدك العظيم يا ربّي * لأذكر بأمانتك ولا أمانة سواها

لقد علّمتني منذ صباي * وما زِلت أذيع بآياتك

أمّا والكِبر قد بلغني والسِنون أثقلتني * فيا ربّ لا تتخلّ عنّي

حتّى أعلِنَ أياديَك للمجتمع * لكلّ من يفد إلى معبدك العظيم

أمانتك يا الله قد بلغت عنان السماء * لأنك جئتَ بالعجائب * فمن مثلُك يا الله

أنت يا من أرَيتني * كثيرًا من الضرّاء والبأساء

ستعود فتُنعشني * ستعود فتنتشلني * من أعماق الأرض

فاستحسن قطيعي الكبير * واشمَلني برأفتك

سأعلِن الشكر لك * على العود * لصِدقك يا الله

سأعزف لك على الكنّاره * يا قدّوسَ إسرائيل

لتبتهجْ شفتاي * حين أعزف لك * ونفسي التي فدَيتها

ولساني طول النهار * سيُردّد التنويه بعدلك

حلّ الخزي والهون * بأولئك الذين شقائي يبغون.

المزمور 72

اللهم هَب الملِك من لدنك حكمه * وابن الملك من لدنك عدلا

كَي يحكُم بالحقّ بين شعبك * ويقضي للمضلومين من عبادك

لتحمِلْ الجبال السلام إلى الناس * والتِلال العدل

بالعدل ليقضِ للضعفاء * ويُقذ أبناء الفقراء * ويسحق جلّاديهم من الكُبراء

ليُوَقّرْك مدّة الشمس * وحتّى فناء القمر * قرنًا بعد قرن

لينزلْ كالوابل على العُشب المجزوز * وكالطلّ على التُربة المشاطه

في أيامه يزدهر العادل * ويسيل السَلمُ إلى أن تزول القمر

ليملكْ من البحر إلى البحر * من النهر إلى أطراف الأرض

بين يديه ليركعْ أهل الوحْش * وأعداؤه يلحسوا التراب

ملوك ترشيش والجزر * يُعطوا الجزيه

ملوك سبأ وسبا * يجودوا بالهِبات

الملوك أجمعون بين يديه يسجدوا * والأمم كلّها إيّاه تخدم

إن يُنقذ المسكين الذي يُادي * والحقير الذي عدِم النصير

وبرحمته للضعيف والفقير * ويُنقذ أنفس المساكين

ومن الظلم والعسف يُنقذ نفوسهم * ودمهم عنده ثمين

إذًن عاش * وليُبذَل له ذهبُ سبأ

ويدعوا له لا يفترون * والنهار كله إيّاه يحمدوا

الحِنطة تُغطِّ الأرض * وقُمم الجبال تكن مرعى

خيرٌ وفير كلبنان إنّان الثمر * ازدهارٌ كالزرع في الأرض

بورك في ذرّيته إلى الأبد * وتتناسلْ حتّى فناء الشمس

بورك ذرّيته به * وبوركت به أمم الأرض طرّا

تبارك ربّنا إله إسرائيل * المنفرد بعجائب الآيات

وتبارك مدى الدهر اسمه المجيد * وليملأ مجده الأرض جميعا

آمين * آمين.

المزمور 73

مهما يكن فالله ذو فضل يا إسرائيل * على ذوي القلوب الصافيه

كان قدماني أدنى إلى التعثّر * ورِجلاني أقرب إلى الانصهار

لَمّا حسدتُ الفخيرين * إذ رأيت حُسن حال الفاسقين

لا يلقَون عناء ما عاشوا * وبطولتهم تامة بالغة الصِحّة

جُنّبوا العناء الذي يلقاه البشر * لا يمسّهم ما يمسّ بني آدم من الضُرّ

لذا تقلّدوا الكِبر * وتسربلوا العَسف

تُلألإء عيونهم أكثر من الحليب * وتُفرِط الخُبث أوهامُ قلوبهم

يقولون على شديد العِقاب باستهزاء * ويقولون على قُهرة العلي

فمهم يدّعي السماء * ولسانهم يمرح في السفلى

من أجل أكلوا فَورًا بشبعهم * وتشرّبوا ماء البحر

يقولون:"كيف يدري الإله؟ * وهل عند العليّ الأعلى من علم؟"

هكذا هؤلاء الفاسقون * المُغفِلو الصمد يكنِزون الثروَة

لِم إذان كان حِرصي على صفاء قلبي * وغسلي في الطُهر يدَي

على حين انهالت عليّ النهار كلّه الضربات * وحلّ بي كلّ صباحٍ العذاب؟

ولو قُلتُ «سأكلّم هكذا» * لكنت لجماعة أبنائك خاذلا

وآثرت التدبّر لأفقه هذا * وجَوره أمام عَينَييّ

حتّى أُوغِلَ في أقداسك * وأهتديَ إلى حقيقة مصيرهم

إنك ستشتِلهم في المهالك * وتُزلِقهم إلى العمائق

آه ما أسرع ما انتموا إلى دار الخَراب * جرفتْهم تمامًا المُذعِرات

كحُلمٍ بعد اليقظة يا ربّ * ستحقِرهم في دار الصُوَر

لّمّا كان قلبي يستشعر الحمض * وكلاي تُحِسّ بالجفاف

كنت أحمق لا أفقه شيئا * كنت بهيمًا لديك

لكنّني دائمًا معك * أمسِك بيُمناي

اهدِني إلى مجلسك * وقِرَّني لديك بالمجد

فما ينقُصني في السماء * ما دمتُ معك * فلا مطلب لي في الأرض

فنِي منّي الجسد والروح يا صخره * لكن قلبي ونصيبي يا الله إلى الأبد

ألا إن النائين عنك لهالكون * فاقلَع من يخونونك

أمّا أنا فالتقرّب إلى الله ذُخري * جعلتُ عند ربّي ملاذي * كي أقّصّ صنائعك جميعا.

المزمور 74