صغرة الصغرى
لمحمد ابن يوسف السنوسيEscorial manuscript n. 697, ff. 252b-277a
Bibliothèque Nationale 4808, ff. 79b ff.
Bibliothèque Nationale 1061
Maṭba`at at-taqaddum al-`ilmiyya, 1322/ 1904-5[من مقدمة الشرح]
(252ب) ... وبعد، فقد وضعت جملة مختصرة فيما يجب على المكلف اعتقاده في حق الله تعلى وفي حق رسله على وجه يخرج به المكلف من ظلمات الجهل والتقليد فأردت أن أتبعها بشرح مختصر يكشف عن معانيها كل لبس وتعقيد والله تعلى أسأل أن ينفع به إنه ولي التوفيق والتسديد.
[المتن]
(253أ) الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين.
(256أ) اعلم أنه يجب على كل مكلف أن يعرف ما يجب في حق مولانا جل وعز وما يستحيل وما يجوز وكذلك يجب أن يعرف مثل ذلك في حق رسله عليهم الصلاة والسلام.
(257أ) وحقيقة الواجب ما لا يتصور في العقل عدمه إما بلا تأمل ويسمى الضروري ككون الواحد نصف الاثنين مثلا وإما بعد التأمل ويسمى النظري أي ككون الواحد نصف سدس الاثني عشر مثلا.
(258أ) والمستحيل ما لا يتصور في العقل ثبوته إما بلا تأمل أيضا ككون الواحد نصف الأربعة وإما بعد التأمل ككون الواحد نصف سدس الاثني عشر. [sic]
(258أ) والجائز ما يصح في العقل ثبوته وعدمه إما بلا تأمل ككون الجسد [4808: الجسم] أبيض مثلا وإما بعد التأمل كتمني الإنسان الموت مثلا.
(258ب) فإذا عرفت هذا فاعلم أنه يجب لمولانا جل وعز الوجود لتوقف وجود الحوادث على وجوده تعلى ودليل حدوثها لزومها لما يفتقر إلى مخص.
(259ب) ويجب له تعلى القدم والبقاء وإلا كان محتاجا إلى الفاعل فيكون حادثا فيجب له من العجز ما وجب لسائر الحوادث بل يكون حينئذ وجوده مستحيلا لما يلزم على تقدير حدوثه من الدور أو التسلسل المستحيلين.
(259ب) يجب أن يكون تعلى مخالفا في ذاته وصفاته لكل ما سواه من الحوادث وإلا كان حادثا.
(260أ) ويجب له تعلى أن يكون قائما بنفسه أي ذاتا موصوفا بالصفات غنيا عن المحل والفاعل إذ لو كان في محل لكان صفة فيلزم أن لا يتصف بالصفات الوجودية ولا لوازمها إذ لو قبلت الصفة صفة وجودية لزم أن لا تعرى عنها صفة كالذوات وذلك يستلزم التسلسل ودخول ما لا نهاية له في الوجود ولو كان محتاجا للفاعل لكان حادثا وهو محال.
(260ب) ويجب له تعلى الوحدانية أي لا مثل له في ذاته ولا في صفة من صفاته ولا مؤثر معه في فعل من الأفعال إذ لو كان معه مثل ومؤثر لما كان واجب الوجود لاحتياجه حينئذ إلى من يخصصه بما يمتاز به عما يماثله عموما وخصوصا وذلك يستلزم الحدوث والعجز عن كل ممكن.
(261ب) يجب له تعلى القدرة والإرادة المتعلقاتان بكل ممكن إذ العجز عن بعضها مستلزم للعجز [4808: العجز] عن جميعها وذلك استحالة [1061: وكذلك يستلزم] وجودها لتوقف كل حادث في وجوده وإعدامه على اقتدار فاعله وفي تخصصه على إرادته وفي كونه مرادا [1061:+ على] علمه.
(262أ) ويجب له تعلى العلم المتعلق بكل واجب وجائز ومستحيل لأن الاختصاص بالبعض مستلزم الحدوث لافتقار الصفة حينئذ إلى الفاعل وحدوثه يستلزم حدوث موصوفها لاستحالة تعريه عنها وعن أضدادها.
(262أ) ويجب له تعلى السمع والبصر المتعلقان بجميع الموجودات والكلام المنزه عن الحرف والصوت [1061: الأصوات والحرف] والتقديم والتأخير والكل والبعض والتجدد والسكوت المتعلق بما تعلق به العلم ودليل هذه الثلاثة الشرع.
(262ب) ويدب له تعلى الحياة لاستحالة وجود الصفات السابقة بدونها.
(263أ) أما المستحيل في حقه تعلى فكل ما ينافي هذه الصفات الواجبة.
(263أ) وأما الجائز في حقه تعلى ففعل كل ممكن صلاحا [1061:+ كان] أو ضده لما عرفت قبل من وجوب عموم قدرته وإرادته تعلى لجميع الممكنات ويدخل في ذلك جواز خلق الله تعلى الرءية لذاته العلية والسمع لكلامه القديم والثواب في دار النعيم والبعث لرسله الأكرمين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
(263ب) وأما الرسل عليهم الصلاة والسلام فيجب لهم الصدق أي مطابقة كل ما أخبروا به من أحكام وثواب وعقاب وغيرها لما في نفس الأمر لأن الله تعلى قد صدقهم بما تنزل عن المعجزة الذي خصهم به [4808: المعجزات التي خصصهم به] [1061: المعجزات الذي خصهم بها] منزلة قوله تعلى صدق عبدي في كل ما يبلغ عني.
(264أ) فيجب لهم اأمانة أي [4808: في] [1061: أي] حفظ ظواهرهم وبواطنهم من الوقوع في المجرم أو مكروه لأن أتباعهم أمروا [4808: أمر] بالاقتداء بهم في جميع أقوالهم وأفعالهم وذلك يستلزم عصمتهم فيها من كل منهي عنه.
(264ب) ويجب لهم أيضا أنهم بلغوا كل ما أمرهم المولى سبحانه [4808:+ وتعلى] بتبليغه ولم يتركوا شيئا منه لا نسيانا ولا عمدا أما عمدا فلما سبق في الأمانة وأما نسيانا فللاجتماع.
(265أ) فالواجب الأول يزيد على الأمانة بمنع الكذب سهوا ويزيد على التبليغ بمنع الزيادة على ما أمروا بتبليغه عمدا أو نسيانا ويزيد الأمانة على الصدق بمنع وقوع المخالفة في غير كذب اللسان وعلى التبليغ بمنع المخالفة في غير التبليغ ويزيد التبليغ على الصدق بمنع ترك شيء مما أمروا بتبليغه عمدا أو نسيانا مع لزوم الصدق فيما بلغوا من ذلك ويزيد على الأمانة بمنع ترك شيء مما أمروا بتبليغه نسيانا.
(265ب) ولا يخفي عليك بعد هذا ما تشتركوا فيه الثلاثة وما يشترك فيه اثنان دون الثالث وما يزيد به كل واحد منهما على مجموع الباقين.
(265ب-266أ) وأما المستحيل في حقهم [4808: أعني الرسل] عليهم الصلاة والسلام فأضداد هذه الثلاثة.
(266أ) وأما الجائز في حقهم صلى الله عليهم وسلم فلأعراض البشرية التي لا تنافي علو مرتبتهم كالمرض ونحوه بدليل مشاهدة ذلك فيهم وفي اتصافهم بها فوائد لا تخفى.
(266أ) فقولنا الأعراض احترازا من مذهب النصارى في وصفهم عيسى عليه السلام بالصفة [1061: بالصفات] القديمة وقولنا البشرية احترازا من اعتقاد الجاهلية أن البشرية تنافي الرسالة وقولنا التي لا تنافي علو مرتبتهم احترازا من اعتقاد اليهود وكثير من جهلة المؤرخين والمفسرين [4808: المعبرين في] [1061: والمفسدين] اتصاف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بنقيصة المعصية والمكروه ونحوهما.
(267أ) وبهذا تعرف أن كل ما أوهم في حقهم أو حق الملائكة نقصا من الكتاب أو السنة وجب تأويله.
(271ب) وأفضلهم سيدا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ءاله عدد ما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون ورضي الله تعلى عن أصحاب رسول الله أجمعين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.