ابن الفقيه
كتاب البلدان
(KM 1: 44, 64-65)
ومن سجلماسة لمن سلك متوجهاً إلى القبلة يريد أرض السودان من سائر بطون السودان يسير في مفازة وصحراء مقدار خمسين رحلة. ثم يلقاه قوم يقال لهم أنبِيًة من صنهاجة في صحراء، ليس لهم قرار، شأنهم كلهم أن يتلثموا بعمائم هو سنة فيهم ولا يلبسون قمصاً، إنما يتّشحون بثيابهم ومعاشهم من الإبل. ليس لهم زرع ولا طعام. ثم يصير إلى بلد يقال له غسط، وهو وادٍ عامر فيه المنازل وفيه ملك لهم، لا دين له ولا شريعة، يغزو بلاد السودان وممالكهم...
قالوا وأرض مصر محدودة في الكتاب أنها مسير أربعين ليلة في مثلها، وأرض السودان مسيرة سبع سنين. فما فضل عنهم من مائها صار إلى مصر. وأرض مصر جزؤ من ستين جزءاً من أرض السودان، وأرض السودان جزؤ من ستين جزءاً من الأرض...
وقال بعضهم النيل يخرج من خلف خط الاستواء من بحيرتين يقال لهما بحيرتا النيل، وهو يطيف أرض الحبشة ويجيء فيمر بين بحر القلزم وهو بحر الفرما بين المفازة... فيجيء فيصب بدمياط، ويخرج إلى البحر الرومي المغربي. ودمياط على البحر الرومي الغربي. وقال أبو الخطاب قال المشتري ابن الأسود: غزوت بلاد أنبية عشرين غزاة من السوس الأقصى فرأيت النيل. بينه وبين البحر أجاج كثيب من رمل، يخرج النيل من تحته...
قالوا وإذا جاوزت بلاد غانة إلى أرض مصر انتهيت إلى أمة من السودان يقال لها كوكو. ثم إلى أمة يقال لها مرندة، ثم إلى أمة يقال لها مراوة، ثم إلى واحات مصر بملسانة...
ومن خلف بلاد علوا أمة من السودان تدعى تكنة وهم عراة مثل الزنج، وبلادهم تنبت الذهب. وفي بلادهم يفترق النيل وقد ذكرنا مخرجه. وقالوا من وراء مخرج النيل الظلمة وخلف الظلمة مياه تنبت الذهب في تكنة وغانة...
وفي يدي الخارجي الصفري مدينة كبيرة تدعى درعة، فيها معدن الفضة. وهي مما يلي الحبشة في ناحية الجنوب ومدينة تدعى زيز. وفي يدي إبراهيم بن محمد بن محمود البربري المعتزلي مدينة تلي تاهرت تدعى أيزرج. وفي يدي ولد إدريس ابن إدريس بن عمد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب رضه مدينة تلمسين ومن تاهرت إليها مسيرة خمسة وعشرين يوماً عمران كله، وطنجة وفاس، وبها منزلة ووليلة ومدركة ومتروكة ومدينة زقور وغميرة والحاجر وماجرجرا وفنكور والخصراء وأوراس، وما يتصل ببلاد زاغي بن زاغي. وطنجة خلف تاهرت بأربع وعشرين ليلة، وخلف طنجة السوس الأدنى، وخلف السوس الأدنى السوس الأقصى على بحر الرمل في شرقي النيل. ومدينة السوس الأقصى تدعى طرقالة، ومدينة الأندلس تدعى قرطبة، وبلاد أنبية من السوس الأقصى على مسيرة سبعين ليلة في براري ومفاوز، وأهلها وأهل لمطة أصحاب الدرق ينقعونها في اللبن حولاً مجرداً. فينبو عنها السيف، وإن قطع السيف منها شيئاً نشب السيف في الدرقة ولم يمكن أن ينزع من الدرقة، والدرقة اللمطية ليس عليها قياس...
ومن طرقلة إلى مدينة غانة مسيرة ثلثة أشهر مفاوز وقفار. وبلاد غانة ينبت فيها الذهب نباتاً في الرمل كما ينبت الجزر ويقطف عند بزوغ الشمس. وطعامهم الذرة والوبياء ويسمون الذرة الدخن. ولباسهم جلود النمور وهو هناك كثيرة.