المقري

نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب

[مخطوط بخط أحمد بن محمد الحموي العطار، سنة 1130 ه]

111 من المرتحلي من الأندلس إلى المشرق...

ومنهم أبو إسحاق الساحلي المعروف بالطُوَيجن بضم الطاء المهملة وفتح الواو وسكون الياء التحية وكسر الجيم وقيل بفتحها، العالم المشهور والصالح الشكور والشعر المذكور من أهل غرناطة من بيت صلاح وثروة وأمانة. وكان أبوه أمين العطارين بغرناطة. وكان مع أمانته من أهل العلم فقيهاً مفتياً وله الباع المديد في الفرائض.

وأبوا إسحق هذا كان في صغره موثقاً بشماط شهود غرناطة. وارتحل عن الأندلس إلى المشرق فحج. ثم سار إلى بلاد السودان فاستوطنها، ونال جاهاً مكيناً من سلطانها، وبها توفي، رحمه الله تعالى. انتهى ملخصاً من كلام الأمير بن الأحمر في كتابه نثير الجمان فيما نظمني وإياه الزمان.

وقال أبو المكارم منديل بن أجروم: حدثني من [أ]ثق بقوله إن أبا إسحق الطويحن كانت وفاته يوم الاثنين سابع عشرين جمادي الأخرة سنة سبع وأربعين وسبعمائة بتبكتو، موضع بالصحراء من عمالة مالي، رحمه الله تعالى. ثم ضبط الطويحن بكسر الجيم. قال: وبذلك ضبطه بخط يده، رحمه الله تعالى. قال ومن لقبه للساحلي فإنه نسبه لجده للأم. انتهى.

[تحقيق إحسان عباس، بيروت: دار الصاد، 1988]

3: 103

ثم قال السرخسي: ... وبلغني أن قوماً أوه [يعقوب المنصور] بفيل من بلاد السودان هدية، فأمر لهم بصلة، ولم يقبله منهم، وقال: نحن لا نريد أن نكون أصحاب الفيل.

3: 105

وقال في رحلته لما ذكر السيد أبا الربيع سليمان بن عبد الله ابن أمير المؤمنين عبد المؤمن بن علي، وكان في تلك المدة يلي مدينة سجلماسة وأعمالها: اجتمعت به حين قدم إلى مراكش بعد وفاة المنصور يعقوب لمبايعة ولده محمد، فرأيته شيخاً بهي المنظر، حسن المخبر، فصيح العبارة باللغتين العربية والبربرية.

ومن كلامه في جواب رسالة إلى ملك السودان بغانة ينكر عليه تعويق التجار قوله: نحن نتجاور بالإحسان، وإن تخالفنا في الأديان، ونتفق على السيرة المرضية، ونتألف على الرفق بالرعية، ومعلوم أن العدل من لوازم الملوك في حكم السياسة الفاضلة، والجور لا تعانيه إلا النفوس الشريرة الجاهلة. وقد بلغنا احتباس مساكين التجار ومنعهم من التصرف فيما هم بصدده. وتردد الجلابة إلى البلد مفيد لسكانها، ومعين على التمكن من استيطانها، ولو شئنا لاحتبسنا من في جهاتنا من أهل تلك الناحية لكنا لا نستصوب فعله، ولا ينبغي لنا أن ننهى عن خلق ونأتي مثله، والسلام.

107

قال لي الفقيه أبو عبد الله محمد القسطلاني: دخلت إلى السيد أبي الربيع بقصر سجلماسة، وبين يديه أنطاع عليها رؤوس الخوارج الذين قطعوا الطريق على السفار بين سجلماسة وغانة، وهو ينكت الأرض بقضيب من الآبنوس، ويقول:

ولا غرو أن كانت رؤوس عدائهجواباً إذا كان السيوف رسائله

ومات بعد الستمائة، رحمه الله تعالى، انتهى.