المقريزي
كتاب المواعظ والاعتبار بذكر من حج من الملوك
Cairo, 1853
2: 326 جامع التكروري
هذا الجامع في ناحية بولاق التكروري، وهذه الناحية من جملة قرى الجيزة كانت تعرف بمنية بولاق، ثم عرفت ببولاق التكروري. فإنه كان نزل بها الشيخ أبو محمد يوسف بن عبد الله التكروري، وكان يعتقد فيه الخير وجربت بركة دعائه وحكيت عنه كرامات كثيرة.
منها أن امرأة خرجت من مدينة مصر تريد البحر. فأخذ السودان ابنها وساروا به في مركب وفتحوا القلع فجرت السفينة. وتعلقت المرأة الشيخ تستغيث به. فخرج من مكانه حتى وقف على شاطئ النيل ودعا الله سبحانه وتعالى فسكن الريح ووقفت السفينة عن السير، فنادى من في المركب يطلب منهم الصبي. فدفعوه إليه وناوله لأمه.
وكان بمصررجل دباغ أتاه عفص فأخذ منه أصحاب السلطان. فأتى إلى الشيخ وشكا إليه ضرورته فدعا ربه فرد الله عليه عفصه بسؤال أصحاب السلطان له في ذلك.
وكان يقال له: لم لا تسكن المدينة؟ فيقول إني أشم رائحة كريهة إذا دخلتها.
ويقال إنه كان في خلافة العزيز بن المروان الشريف محمد بن أسعد الجواني جمع له جزأ في مناقبه، ولما مات بني علي قبة وعمل بجانبه جامع، جدده ووسعه الأمير محسن الشهابي مقدم المماليك. وولي تقدمة المماليك عوضاً عن الطوائي عنبر السحرتي أول صفر سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، ومات في __. ثم إن النيل مال على ناحية بولاق هذه فيما بعد سنة تسعين وسبعمائة وأخذ منها قطعة عظيمة كانت كلها مساكن. فخاف أهل البلد أن يأخذ ضريح الشيخ والجامع لقربهما منه، فنقلوا الضريح والجامع إلى داخل البلد وهو باق إلى يومنا هذا.
365 مدرسة ابن رشيق
هذه المدرسة للمالكية وهي بخط حمام الريش من مدينة مصر. كان الكاتم من طوائف التكرور لما وصلوا إلى مصر في سنة بضع وأربعين وستمائة قاصدين الحج. دفعوا للقاضي علم الدين بن رشيق ما لاً بناها به، ودرس بها فعرفت به. وصار لها في بلاد التكرور سمعة عظيمة. وكانوا يبعثون إليها في غالب السنين المال.
الخبر عن أجناس السودان
[Hamaker, Specimen catalogi. Leiden 1820, p. 205 ff.]
اعلم أن السودان أهل الإقليم الثاني وما وراءه إلى آخر الأول بل وإلى آخر المعمور، يتصلون ما بين المغرب والمشرق فيجاورون بلاد البربر بالمغرب وإفريقية وبلاد اليمن والحجاز والبصرة وما وراءه من بلاد الهند (؟)، وهم أصناف وشعوب وقبائل أشهرهم بالمشرق الزنج والحبشة والنوبة. والحبشة من ولد حبش بن كوش بن حام، والنوبة من ولد نوبة بن كوش بن كنعان بن حام وقيل من ولد نوبا بن فوط بن مصر بن حام، والزنج من ولد زنجي بن كوش، وسائر الأساود من ولد فوط بن حام، وقبائلهم تسع عشرة أمة:
الزنج وهم على بحر الهند لهم مدينة منسية وهم مجوس وقاموا مع الداعي بالبصرة في خلافة المعتمد، ويليهم بربرا وفشا فيهم الإسلام لهم مدينة مقدشوا على البحر الهندي.
ومن غربيهم وجنوبهم الدمادم وهم حفاة عراة وخرجوا إلى بلاد الحبشة والنوبة عند خروج الططر (؟) إلى العراق لعبد السمائر فعاثوا فيها ثم رجعوا. ويليهم الحبشة وهم أعظم أمم السودان ويجاورون اليمن على شاطئ البحر الغربي ويدينون بالنصرانية. وفي شمال الزنج والحبشة قبائل النجا وهم نصارى ومسلموهن ولهم جزيرة سواكن.
ويليهم عرياء النوبة ولهم مدينة دمقلة غربي النيل وأكثرهم نصارى. ويليهم دغال وهم مسلمون ومن شعوبهم تاجو. ويليهم الكانم وهم خلق عظيم والإسلام غالب عليهم ومدينتهم الجما، وأول من أسلم من ملوكهم محمد بن جبل بن عبد الله بن عثمان بن محمد بن أبي * ويزعمون أنه من نسل سيف بن ذي يزن وأن بينه وبينه نحو من أربعيو ملكاً وهو بدوي رحال، وإذا جلس سجد له أهل دولته وانبطحوا على وجوههم، وبلغ عسكره مائة ألف ما بين فارس وراجل وحامل، وبين الجما إلى يلملم خلق كثير كفار ويحادر (يحدر؟) ملك الجما وهو ملك الكانم خمسة ملوك وخيلهم صغار، والكانم إقليم كبير ويمر فيه النيل المبارك لغاية.
وبين الجما وأول الملك التاجو عشرة مراحل وهناك من السودان عراة منهم أهل أكلي وملكهم قوي عادل. ومنهم أفنوا وملكهم اسمه مستور وهو شديد الغيرة على حرمه.
ويليه ملك آخر يقال له منبو.
وبعدها (بعده؟) أمة يقال لهم كانكوما.
ثم كانكوا.
ثم أبقرم.
ثم أمة أكبر من هؤلاء لهم يدي وملكهم رابوما.
ويليه ملك كبير ويقال له هودمي.
وقبيلة يقال لهم أنكرر وهم كثير أهل بقر وغنم وفيلة.
ثم قبيلة شادي ومابنا وأبهم وقبائل أتعنا ويافلم ومكبا وهم عراة كلهم ويسخرون من يلبس ومابنا قبيلة كبيرة أكثر منهم يقال لهم كالكين، في بلادهم شجر كبار وبرك من النيل، وغزاهم ملك الكانم من الجما في حدود خمسين وستمائة وقتل وسبا.
ومن ورائهم في الغرب قبائل كثيرة إلى كوكو وأدرما مما يليهم ودفومو وفيها مساجد للمسلمين وسلطانهم عادل.
وقبيلة أبكلا بالكفار وهم أهل إبل ولباسهم الجلود.
وقبيلة توكاما أول بلاد التاجو أهل نخل وشربهم من ماء النيد والتاجو جنس من زغاوه يعملون الحجارة ويحاربون أهل واثكوا، وبلدهم على عشر مراحل شرقي الجبل وعليها يمر النيل إلى مصر.
ومن الجبل في الغرب بلاد البربر الملثمين أربعون مرحلة على شاطئ النيل إلى مدينة تاومكه.
ومنها إلى كوكو عشرة مراحل.
ومن كوكو إلى غانة عشرون مرحلة ووراء ذلك البحر المحيط.
وبعد التاجو مدينة قاعدة النوبة.
وفي شمالي الكانم بلد فران وأهلها بربر وينتهي إلى زويلة في جنوب برقة.
والكانم أعظم ملوك السودان وفي غربهم كوكو وبعدهم بقاره والتكرور ونمي وتميم وجا زغاي يتصل بهما (بهم) جنوباً الحبشة ووشرقاً النوبة وشمالاً بلاد برقة وغرباً التكرور، وكان ملكهم في حدود سنة سبعمائة الحاج إبرهيم بن ولد سيف بن ذي يزن وملك كرسي كانم وكانم كرسي برنو، وملك بعده ابنه الحاج إدرير (؟) ثم أخوه داود بن إبرهيم بن، (ثم) عمر بن أخيه الحاج بن أخيه الحاج بن إدرير، ثم أخوه عثمان بن إدرير وكان قبيل سنة ثمانمائة وانتقض عليهم أهل كانم وارتدوا وبقيت به نوبي (نوبة؟) ملكتهم وهم مسلمون مجاهدون لأهل كانم ولهم اثنا عشر مملكة وكان ملك عانة أعظم الملوك ثم غلب عليهم الملثمون فتلاسي ملكهم وغلب عليهم أهل صوصو ثم قوي أهل مالي وملكوهم وقد ذكرنا أخبار مالي وملوكها في كتاب درر العقود الفريدة في ترجمة ممشي بن موسى.