المروزي
طبائع الحيوان
وحكي حمزة بن الحسن الإصفهاني عن الحسن بن عمرو السيرافي أنه ذكر أنه رأى ببلاد السودان أشجاراً عظيماة ورأى ببلد يقال له كانم شجرتين تظلان ثلثين ألف فارس، وملكهم يسكن على ذروتهما. وإلى مجلس الملك من قرار الأرض ألف مرقاة وفوق الشجرتين مجالس معمولة من الخشب. وهناك من خدم الملك ونسائه وحاشيته زهاء عشرة آلاف إنسان. ويقال أن نبت القطن عندهم يصير شجرة يصعد عليها الرجل فتناسبت أبدانهم وأشجارهم...
وفي أقاص أراضي الزنج أمة من الزنوج يسكنون ساحل البحر ليس لهم بنيان ولا مزارع ولا بهائم، وإنّ الحر يفرط عليهم، ولهم أسراب حفروها وعمّقوها. فإذا بلغ النهار انجحروا في أسرابهم ولا يمكنهم البروز إلا بعد ما تتضيق الشمس للغروب. وطعامهم السمك وثمار الأشجار. وأراضيهم ذات مروج وأشجار ملتفّة. وهم مشوّهو الخلقة ومفرطو الطول في تهدل الشفاه واسترخاء الأذان واتساع الصماخين والمنخرين.
وهم يأكلون لحوم الناس من البياضان إذا ظفروا بهم. ومن عادتهم إذا ظفروا بالبيضان أن يحبسوهم في جزيرة لهم في البحر، ويوسعون عليهم الطعام مما عندهم حتى تعبل أجسامهم وتكثر لحومهم. ثم يذبحونهم ويأكلونهم. ويختص ملكهم وزوجته بهذا المطعم إلا أن يكثر فيشاركهما غيرهما فيه.
وشهوة الباه غالبة عليهم لكهرة حرارتهم. وربما عُرض البيضان على الملك ليختار منهم من يريد للذبح فتقع عين امرأته على واحد منهم فاستحسنته وأخذته طعمة لنفسها وأدخلته سربها وراودته عن نفسه. فإن وجدت عنده قوة وقدرة على المباضعة استبقته واستفحلته وأطمعته من السموك ما يزيد في قوة الباه. ولا تزال تستعمله إلى أن يضعف ويفتر. فإذا عجز عن الجماع ذبحته وأكلته.
وربما وجد قرصة فانتهزها وهرب وأصحاب التجارات ممن يصاقبهم يقصدون مواضعهم لاقتباص الذراري والصبيان منهم. فيخرجون إلى مروجهم ويختفون في غياضها ويحملون معهم التمر ويطرحون منه شيئاً في ملعب صبيانهم فيلتقطون ذلك ويستطيبون ويطلبونه. وفي اليوم الثاني يطرحون التمر في موضع أبعد من المطرح الأول. ولا يزالون يتباعدون في ذلك والصبيان تتبعه حرصاً على التمر. فإذا تباعدوا عن منازل آبائهم خرجوا عليهم واختطفوهم وحملوهم إلى بلادهم...