الشماخي

كتاب السير
ناقلا من طبقات الجرجيني

ومن أعظم كراماته ما اشتهر عند الموافق والمخالف. وذكر ذلك البكري في المسالك والمالك إلا انه لم يسمه وسماه غيره. وهو أنه سافر إلى دواخل غانة تاجرا، فقام بها وله مكان عند ملكها وكان عظيما، تحته اثنا عشر معدنا يستخرج منها التبر.

ووقع القحط ببلادهم فاشتكت الرعية إلى السلطان وذلك بمدينة مالي، فقربوا لأصنامهم الذبائح واستغاثوا بها فلم يغاثوا، وكان الشيخ علي على ارتحال فقال له الملك: ادع ربك لعله يغيثنا. قال لا يجوز وأنتم تعبدون غيره. قال كيف صفة الإسلام؟ فما زال به حتى وحد. وتكلم بكلمة الحق فخرج هو وإياه إلى كدية فصار يصلي به علي ويتبعه على ما يفعله وإذا دعا قال آمين. فلما أصبح عظم المطر وحالت السيول بينهما وبين المدينة وما دخلوا إلا في السفن مع النيل فدامت سبعا تسح ليلا ونهارا.

فلما رأى الملك ذلك دعا أهل بيته ووزرائه ثم أهل المدينة. ثم قرب فأجاب جميعهم وأبى من بعد. وقالوا نحن عبيدك ولا تبدل ديننا واشترط عليهم أن لا يدخل كافر المدينة وإن دخلها قتل. فالتزموا ذلك وأخذ يعلمهم الصلاة وفرائض الدين والقرآن.

فورد عليه كتاب أبيه يحضه على المجيء، ولم يجعل له إذنا في المقام ولو قليلا. فأخبر الملك بأنه على سفر. قال لا يحل لك أن تتركنا نعود إلى العمى بعد الهدى. قال طاعة الوالد واجبة في الدين، وحجر عني الإقامة ولم أجد بدا من ذلك.

وهذا سبب دخول الإسلام بلاد السودان بغانا وما يليها. تسامعت بهم المخالفون فقصدوها من كل أوب فردوهم إلى مذهبهم.