الشريشي

شرح المقامات الحريرية

وغانة بلد من بلاد السودان، وإليها ينتهي التجار. والمدخل إليها من سجلماسة. ومن سجلماسة إليها مسافة ثلاثة أشهر. ومن غانة إلى سجلماسة شهر ونصف ودون ذلك. وسبب ذلك أن الرفاق تتجهز إليها من سجلماسة بالأمتاع والأثقال. فتباع في غانة بالتبر فمن سافر إليها بثلاثين حملاً يرجع منها بثلاثة أحمال أو بحملين، واحد لركوبه وثان للماء بسبب المفازة التي في طريقها. حدثني غير واحد من تجارها أنهم يقطعون المفازة في ستة عشر يوماً، لا يرون فيها ماء إلا على ظهور الإبل. فأثمان أحمال الثلاثين جملاً يجتمع فيها من التبر ما يجعل في مزود واحد، فيطوون المراحل للخفة.

وغانة بلد مملكة السودان وانتشر الإسلام في أهلها، وبها مدارس للعلم. وبها من تجار المغرب كثير يدخلون للتجارة، فيصيبون الخصب والأمن وكثرة المتاجر. فيشترون بها خدماً للتسري ويقيمون بها عند أميرها في غانة الكرامة. والخدم فيها قد جعل الله فيهم من الخصال الكريمة في خلقهن وخلقهن فوق المراد من ملاسة الأبدان وتفتق السواد وحسن العينين واعتدال الأنوف وبياض الأسنان وطيب الروائح.