يعقوبي
كتاب البلدان
زويلة
ووراء ذلك بلد زويلة مما يلي القبلة، وهم قوم مسلمون أباضية كلهم. يحجون البيت الحرام وأكثرهم رواية (رعاة؟)، ويخرجون الرقيق السودان من الميريين، والزغاويين، والمرويين، وغيرهم من أجناس السودان لقربهم منهم، وهم يسبونهم. وبلغني أن ملوك السودان يبيعون السودان من غير شيء ولا حرب. ومن زويلة الجلود الزويلية، وهي أرض نخل، ومزدرع ذرة وغيرها، وبها أخلاط من أهل خراسان، ومن البصرة، والكوفة.
ووراء زويلة على خمس عشرة مرحلة مدينة يقال لها كوار، بها قوم من المسلمين من سائر الأحياء، أكثرهم بربر، وهم يأتون بالسودان. وبين زويلة ومدينة كوار وما يلي زويلة إلى طريق أوجلة وأجدابية قوم يقال لهم لمطة، أشبه شيء بالبربر، وهم أصحاب الدرق اللمطية البيض.سجلماسة
وسجلماسة مدينة على نهر يقال له زير، وليس بها عين، ولا بئر. وبينها وبين البحر عدة مراحل، وأهل سجلماسة أخلاط، والغالبون عليها البربر، وأكثرهم صنهاجة، وزرعهم الدخن، والذرة، وزرعهم على الأمطار، لقلة المياه عندهم؛ فإن لم يمطروا لم يكن لهم زرع.
ومن مدينة سجلماسة قرى تعرف ببني درعة، وفيها مدينة ليست بالكبيرة تامدلت ليحيى بن إدريس العلوي، عليها حصن، كان منها عبد الله ابن إدريس. وحولها معادن ذهب وفضة. يوجد كالنبات، ويقال إن الرياح تسفيه. والغالب عليهم قوم من البربر يقال لهم بنو ترجا.السوس الأقصى
ومن المدينة التي يقال لها تامدلت إلى مدينة يقال لها السوس- وهي السوس الأقصى- نزلها بنو عبد الله بن إدريس بن إدريس، وأهلها أخلاط من البربر، والغالب عليهم مداسة. ومن السوس إلى بلد يقال له أغمات، وهو بلد خصب فيه مرعى ومزارع في سهل وجبل، وأهله قوم من البربر من صنهاجة. ومن أغمات إلى ماسة، وماسة قرية على البحر، تحمل إليها التجارات، وفيها المسجد المعروف بمسجد بهلول، وفيه الرباط على ساحل البحر، ويلقى البحر عند مسجد بهلول المراكب الخيطية، التي تعمل بالأبلة، التي يركب فيها إلى الصين.
ومن سجلماسة لمن سلك متوجهاً إلى القبلة، يريد أرض السودان- من سائر بطون السودان- يسير في مفازة وصحراء مقدار خمسين رحلة، ثم يلقاه قوم يقال لهم أنبية، من صنهاجة، في صحراء ليس لهم قرار شأنهم كلهم أن يتلثموا بعمائمهم، سنة فيهم، ولا يلبسون قمصاً، إنما يتشحون بثيابهم، ومعاشهم من الإبل، ليس لهم زرع، ولا طعام، ثم يصير إلى بلد يقال له غسط، وهو وادٍ عامر، فيه المنازل وفيه ملك لهم لا دين له، ولا شريعة، يغزو بلاد السودان وممالكهم كثيرة.