صفية

ابن سعد، الطبقات الكبرى، 8: 120-128

صفية بنت حيي بن أخطب بن سعية بن عامر بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب بن النضير بن النحام بن ينحوم من بني إسرائيل من سبط هارون بن عمران، وأمها برة بنت سموأل أخت رفاعة بن سموأل من بني قريظة إخوة النضير. وكانت صفية تزوجها سلام بن مشكم القرظي، ثم قارقنا. فتزوجها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق النضري، فقتل عنها يوم خيبر.

أخبرنا محمد بن عمر حدثنا أسامة بن زيد بن أسلم عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال وحدثنا عمر بن عثمان بن سليمان بن أبي حثمة العدوي عن أبي غطفان بن طريف المري قال وحدثنا محمد بن سليمان بن أبي حثمة العدوي عن أبي غطفان بن طريف المري قال وحدثنا محمد بن موسى عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال وحدثنا عبد الله بن أبي يحيى عن ثبيتة بنت حنظلة عن أمها أم سنان الأسلمية، دخل حديث بعضهم في حديث بعض، قال: لما غزا رسول الله خبير وغنمه الله أموالهم سبى صفية بنت حيي وبنت عم لها من القموص. فأمر بلالاً يذهب بهما إلى رحله فكان لرسول الله صفي من كل غنيمة. فكانت صفية مما اصطفى يوم خيبر وعرض عليها النبي أي يعتقها إن اختارت الله ورسوله. فقالت أختار الله ورسوله وأسلمت. فأعتقها وتزوجها وجعل عتقها مهرها، ورأى بوجهها أثر خضرة قريباً من عينها، فقال ما هذا؟ قالت يا رسول الله رأيت في المنام قمراً أقبل من يثرب حتى وقع في حجري، فذكرت ذلك لزوجي كنانة، فقال تحبين أن تكوني تحت هذا الملك الذي يأتي من المدينة، فضرب وجهي. واعتدت حيضة ولم يخرج رسول الله من خيبر حتى طهرت من حيضتها. فخرج رسول الله من خيبر ولم يعرس بها. فلما قرب البعير لرسول الله ليخرج وضع رسول الله رجله لصفية لتضع قدمها على فخذه، فأبت ووضعت ركبتها على فخذه، وسترها رسول الله وحملها وراءه، وجعل رداءه على ظهرها ووجهها. ثم شده من تحت رجلها وتحمل بها وجعلها بمنزلة نسائه. فلما صار إلى منزل يقال له تبار على ستة أميال من خيبر مال يريد أن يعرس بها. فأبت عليه. فوجد النبي في نفسه من ذلك، فلما كان بالصهباء وهو على بريد من خيبر قال رسول الله لأم سليم عليكن صاحبتكن. فامشطنها. وأراد رسول الله أن يعرس بها هناك. قالت أم سليم وليس معنا فسطاط ولا سرادقات. فأخذت كسائين أو عباءتين فسترت بينهما إلى شجرة فمشطتها وعطرتها. قالت أم سنان الأسلمية وكنت حضر عرس رسول الله بصفية مشطناها وعطرناها. وكانت جارية تأخذ الزينة من أوضإ ما يكون من النساء وما وجدت رائحة طيب كان أطيب من ليلتئذ، وما شعرنا حتى قيل رسول الله يدخل على أهله وقد نمصناها ونحن تحت دومة، وأقبل رسول الله يمشي إليها، فقامت إليه وبذلك أمرناها. فخرجنا من عندهما وأعرس بها رسول الله هناك وبات عندها. وغدونا عليها وهي تريد أن تغتسل. فذهبنا بها حتى توارينا من العسكر فقضت حاجتها واغتسلت. فسألتها مما رأت من رسول الله، فذكرت أنه سر بها ولم ينم تلك الليلة ولم يزل يتحدث معها، وقال لها ما حملك على الذي صنعت حين أردت أن أنزل المنزل الأول، فأدخل بك، فقالت خشيت عليك قرب يهوود، فزادها ذلك عند رسول الله. وأصبح رسول الله فأولم عليها هناك، وما كانت وليمته إلا الحيس، وما كانت قصاعتهم إلا الأنطاع. فتغدى القوم يومئذ. ثم راح رسول الله فنزل بالقبيصة، وهو على ستة عشر ميلاً.

أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: قالت صفية بنت حيي رأيت كأني وهذا الذي يزعم أن الله أرسله وملك يسترنا بجناحه. قال فردوا عليها رؤياها وقالوا لها في ذلك قولاً شديداً.

أخبرنا يزيد بن هارون وهشام أبو الوليد الطيالسي قالا حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك: أن صفية بنت حيي وقعت في سهم دحية الكلبي فقيل لرسول الله إنه قد وقع في سهم ديحة الكلبي جارية جميلة، فاشتراها رسول الله بسبعة آرس ودفعها إلى أم سليم حتى تهيئها وتصنعها وتعتد عندها. قال أبو الوليد في حديثه فكانت وليمة رسول الله السمن والأقط والتمر قال ففحصت الأرض أفاحيص فجعل فيها الأنطاع، ثم جعل فيها السمن والأقط والتمر. وقال يزيد بن هارون في حديثه فقال الناس والله ما ندري أتزوجها رسول الله أم تسرى بها. فلما حملها سترها وأردفها خلفه فعرف الناس أنه قد تزوجها. فلما دنوا من المدينة أوضع الناس وأوضع رسول الله. كذلك كانوا يصنعون فعثرت الناقة فخر رسول الله وخرت معه، وأزواج رسول الله ينظرن فقلن أبعد الله اليهودية وفعل بها وفعل. فقام بسول الله فسترها وأردفها خلفه.

أخبرنا محمد بن عمر حدثنا إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال: لما دخلت صفية على النبي وسلم، قال لها لم يزل أبوك من أشد يهود لي عداوة حتى قتله الله. فقالت يا رسول الله إن الله يقول في كتابه ولا تزر وازرة وزر أخرى. فقال لها رسول الله اختاري فإن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك، فتلحقي بقومك. فقالت يا رسول الله لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني حيث صرت إلى رحلك. وما لي في اليهودية أرب، وما لي فيها والد ولا أخ وخيرتني الكفر والإسلام، فالله ورسوله أحب إلي من العتق وأن أرجع إلى قومي. قال فأمسكها رسول الله لنفسه. وكانت أمها إحدى نساء بني قينقاع أحد بني عمرو، فلم يسمع النبي ذاكراً أباها بحرف مما تركه. وكانت تحت سلام بن مشكم ففارقها فتزوجها كنانة بن أبي الحقيق.

أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا ثابت عن أنس بن مالك قال: صارت صفية لدحية في مقسمه. قال فجعلوا يمدحونها عند رسول الله ويقولون رأينا في السبي امرأة ما رأينا ضربها. قال فبعث رسول الله إليها فأعطى بها دحية ما رضي. ثم دفعها إلى أمي، وقال أصلحيها. وخرج رسول الله من خيبر حتى إذا جعلها في ظهره نزل. ثم ضرب عليه القبة. ثم أصبح فقال من كان عنده فضل زاد فليأتنا به. قال فجعل الرجل يأتي بفضل السويق والتمر والسمن حتى جمعوا من ذلك سواداً، فجعلوا حيساً فجعلوا يأكلون معه ويشربون من سماء إلى جنبهم. فكانت تلك وليمة رسول الله عليها، وكنا إذا رأينا جدر المدينة مما نهش إليه فنرفع مطايانا فرأينا جدرها، فرفعنا مطايانا ورفع رسول الله مطيته وهو خلفه فعثرت مطيته فصرع رسول الله وصرعت المرأة. فاقتحم أبو طلحة عن راحلته فأتى النبي وسلم، فقال يا نبي الله هل ضارك شيء؟ قال لا عليك بالمرأة. قال فألقى أبو طلحة ثوبه على وجهه، ثم قصد المرأة فنبذ الثوب عليه فقامت فشدها على راحلته فركب وركبنا نسير حتى إذا كنا بظهر المدينة أو أشرفنا على المدينة. قال آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون، فلم نزل نقولها حتى قدمنا المدينة.

أخبرنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل وروح بن عبادة عن بن جريج عن زياد بن إسماعيل عن سليمان بن عتيق عن جابر بن عبد الله: أن صفية بنت حيي لما أدخلت على النبي فسطاطه حضرنا. فقال رسول الله قوموا عن أمكم. فلما كان من العشي حضرنا ونحن نرى أن ثم قسماً فخرج رسول الله وفي طرف ردائه نحو من مد ونصف من تمر عجوة، فقال كلوا من وليمة أمكم.

أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك أن رسول الله أعتق صفية وتزوجها. فقال له ثابت البناني ما أصدقها؟ قال نفسها أعتقها وتزوجها.

أخبرنا عارم بن الفضل حدثنا حماد بن زيد عن ثابت وعبد العزيز بن صهيب وشعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك: أن النبي أعتق صفية وجعل عتقها صداقها. قال فسمعت عبد العزيز سأل ثابتاً فقال يا أبا محمد أنت سألت عن هذا الحديث ما مهرها؟ قال نفسها.

أخبرنا مسلم بن إبراهيم حدثنا أبان بن يزيد حدثنا شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك: أن النبي أعتق صفية وجعل عتقها صداقها.

أخبرنا وكيع بن اجراح عن مهدي بن ميمون عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك قال: أعتق رسول الله صفية وجعل عتقها صداقها.

أخبرنا يزيد بن هارون وسعيد بن عامر ومحمد بن عبد الله الأنصاري عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك: أن رسول الله أعتق صفية بنت حيي وتزوجها، وجعل عتقها صداقها.

أخبرنا الوليد بن الأغر المكي حدثنا عبد الحميد بن سليمان عن أبي حازم عن سهل بن سعد: أن رسول الله أولم حين دخلت عليه صفية بنت حيي بن أخطب. قال قلت فماذا كان وليمته؟ قال التمر والسويق. قال ورأيت صفية يومئذ تسقي الناس النبيذ. قال فقلت له وأي شيء كان ذلك النبيذ الذي تسقيها؟ قال تمرات نقعتهم في تور من حجار أو قال برمة من العشي أو من الليل. فلما أصبحت صفية سقته الناس.

أخبرنا عارم بن الفضل حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة: أن النبي أعتق صفية وجعل صداقها عتقها.

أخبرنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال عن عبد الله بن عمر قال لما احتلى النبي صفية رأى عائشة متنقبة في وسط الناس فعرفها فأدبكها، فأخذ بثوبها فقال يا شقيراء كيف رأيت؟ قالت رأيت يهودية بين يهوديات.

أخبرنا محمد بن عمر حدثني كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة قال: لما دخل رسول الله بصفية باب أبو أيوب على باب النبي. فلما أصبح رسول الله كبر ومع أبي يأوب السيف، فقال يا رسول الله كانت جارية حديثة عهد بعرس، وكنت قتلت أباها وأخاها وزوجها، فلم أمنها عليك. فضحك رسول الله وقال له خيراً.

أخبرنا محمد بن عمر حدثني أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار قال: لما قدم رسول الله من خيبر ومعه صفية أنزلها في بين من بيوت حارثة بن النعمان، فسمع بها نساء الأنصار وبجمالها فجئن ينظرن إليها. وجاءت عائشة متنقبة حتى دخلت عليها، فعرفها. فلما خرجت خرج رسول الله على أثرها فقال كيف رأيتها يا عائشة؟ قال رأيت يهودية. قال لا تقولي هذا يا عائشة، فإنها قد أسلمت فحسن إسلامها.

أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن أبي يحيى عن ثبيتة بنت حنظلة عن أمها أم سنان الأسلمية قالت: لما نزلنا المدينة لم ندخل منازلنا حتى دخلنا مع صفية منزلها. وسمع بها نساء المهاجرين والأنصار فدخلن عليها متنكرات، فرأيت أربعاً من أزواج النبي متنقبات زينب بنت جحش وحفصة وعائشة وجويرية. فأسمع زينب تقول لجويرية يا بنت الحارث ما أرى هذه الجارية إلا ستغلبنا على عهد رسول الله. فقالت جويرية كلا إنها من نساء، قل ما يحظين عند الأزواج.

أخبرنا عفان بن مسلم حدثنا جماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن شمسية عن عائشة: أن رسول الله كان في سفر فاعتل بعير لصفية, وفي إبل زينب فضل، فقال رسول الله إن بعيراً لصفية اعتل، فلو أعطيتها بعيراً من إبلك. فقالت أنا أعطي تلك اليهودية. فتركها رسول الله ذا الحجة والمحرم شهرين أو ثلاثة لا يأتيها. قالت حتى يئست منه وحولت سريري. قال فبينما أنا يوماً منصف النهار إذا أنا بظل رسول الله مقبلاً.

أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن جعفر عن بن أبي عون قال استبت عائشة وصفية، فقال رسول الله لصفية ألا قلت أبي هارون وعمي موسى وذلك أن عائشة فخرت عليها.

أخبرنا معن بن عيسى حدثنا مخرمة بن بكير عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال قدمت صفية بنت حيي في أذنيها خرصة من ذهب، فوهبت منه لفاطمة ولنساء معها.

أخبرنا محمد بن عمر حدثني بن جريج عن عطاء قال: كان رسول الله لا يقسم لصفية بنت حيي.

أخبرنا محمد بن عمر حدثني بن أبي ذئب عن الزهري قال: كانت صفية من أزواجه، وكان يقسم لها كما يقسم لنسائه.

أخبرنا محمد بن عمر حدثنا إسحاق بن يحيى عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عليها الحجاب، فكان يقسم لها كما يقسم لنسائه.

أخبرنا محمد بن عمر حدثنا أمامة بن زيد عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله ضرب على صفية الحجاب وكان يقسم لها كما يقسم لنسائه. قال محمد بن عمر وأطعمها رسول اله بخيبر ثمانين وسقاً تمراً وعشرين وسقاً شعيراً، ويقال قمحاً.

أخبرنا معن بن عيسى حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم في الوجع الذي توفي فيه اجتمع إليه نساؤه فقالت صفية بنت حيي أما والله يا نبي الله لوددت أن الذي بك بي. فغمزنها أزواج النبي، وأبصرهن رسول الله. فقال مضمضن فيقلن من أي شيء يا نبي الله؟ قال من تغمزكن بصاحبتكن. والله إنها لصاجقة.

أخبرنا مالك بن إسماعيل والحسن بن موسى قالا حدثنا زهير قال حدثنا كنانة قال: كنت أقود بصفية لترد عن عثمان فلقيها الأشتر فضرب وجه بغلتها حتى مالت. فقالت ردوني لا يفضحني هذا. قال الحسن في حديثه ثم وضعت خشباً من منزلها ومنزل عثمان تنقل عليه الماء والطعام.

أخبرنا عارم بن الفضل حدثنا جماد بن زيد عن يحيى بن سعيد: أن صفية أوصت لقرابة لها من اليهود.

أخبرنا سعيد بن عامر وهشام أبو الوليد الطيالسي عن شعبة عن حصين بن عبد الرحمن قال: رأيت شيخاً فقالوا هذا وارث صفية بنت حيي، فأسلم بعدما ماتت فلم يرثها. قال محمد بن عمر وماتت صفية بنت حيي سنة خمسين في خلافة معاوية بن أبي سفيان.

أخبرنا محمد ين عمر حدثني هارون بن محمد بن سالم مولى خويطب بن عبد العزى عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: قال وريت صفيت مائة ألف درهم بقيمة أرض، وعرض فأوصت لابن أختها وهو يهودي بثلثها. قال أبو سلمة فأبوا يعطونه حتى كلمت عائشة زوج النبي. فأرسلت إليهم اتقوا الله وأعطوه وصيته. فأخذ ثلثها وهو ثلاثة وثلاثون ألف درهم ونيف. وكانت لها دار تصدقت بها في حياتها.

أخبرنا محمد بن عمر حدثنا محمد بن موسى عن عمارة بن المهاجر عن آمنة بنت أبي قيس الغفارية: قالت أنا إحدى النساء اللاتي زففن صفية إلى رسول الله، فسمعتها تقول ما بلغت سبع عشرة سنة يوم دخلت على رسول الله. وتوفت صفية سنة اثنتين وخمسين في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وقبرت بالبقيع.